الثلاثاء، أبريل 20، 2010

يطرح موضوع الحضانة في حالة طلاق الزوجين عدة مشاكل، فبعض الآباء يصرون عن انتزاع هذا الحق من الأمهات بأي ريقة شرعية أو غير شرعية، قد يلجأ خلالها إلى الانتقام من الزوجة واتهامها بالفساد للإكراهها على الاستغناء عن حضانة الأبناء لكن هناك حالات لا تستحق الأم التي تعتبر نموذجا للأبناء أن تحضنهم بسبب طريقتها السيئة في الحياة، إشكالات حقيقية تطرح لدى المحاكم وتتطلب من القضاء الصرامة في اتخاد القرار الملائم للأبناء المحضونين، بل تتطلب التحري بشكل دقيق لكي لا تهضم حقوق أطفال أبرياء في التربية الحسنة. فالقاعدة أن صدور حكم ببراءة الأم الحاضنة من متابعة جنحية متعلقة بالتحريض على الفساد لعدم توافر العناصر التكوينية للفعل لا يعني انتفاء الفعل المنسوب إليها، وتصريح الأم الحاضنة في محضر الضابطة القضائية أنها تتعاطى الفساد والتحريض عليه يجعل شرط الأمانة والاستقامة غير متوفر لديها طبقا للمادة 173 من مدونة الأسرة، ويبرر التصريح بسقوط الحضانة، وهو المنحى الذي اتجه نحوه القاضي في نازلة اليوم، حين قضى بسقوط الحضانة من الأم التي اتهمت بالفساد والتحريض عليه، بالرغم من تبوث حكم البراءة في حقها. طلب إسقاط الحضانة تقدم المسمى (ع.م) بمقال أمام ابتدائية الجديدة؛ عرض فيه أنه سبق أن طلق المدعى عليها سنة ,2000 ولديه معها بنت مزدادة بتاريخ 26/4/,2000 ودون في المقال أن المدعى عليها لا تحسن تربية وحضانة البنت، فضلا عن أنها سيئة السمعة والسلوك، إذ تمارس وتحترف الفساد حسب اعترافها المدون بمحضر شرطة آزمور بتاريخ 2/9/,2004 ملتمسا الحكم بإسقاط حضانتها عن البنت، وأمر المدعى عليها بتسليم البنت لوالدها العارض، ليتكفل بحضانتها تحت طائلة غرامة تهديدية لا تقل عن 500 درهما؛ عن كل يوم امتناع عن تنفيذ الحكم. بعد جواب المدعي عليها وتمام الإجراءات؛ صدر الحكم المطعون فيه بالاستئناف، والذي عابت عليه المستأنفة عدم صوابه؛ لكون الحكم الجنحي الصادر بتاريخ 20/1/,2004 والمعتمد كوسيلة لإسقاط الحضانة، كان محل استئناف فتح له الملف 2938/,2005 قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة، والحكم تصديا بالبراءة، ملتمسة إلغاء الحكم المستأنف، والحكم تصديا برفض الطلب، مع تحميل المستأنف عليه الصائر، وأجاب هذا الأخير بواسطة محاميه بمذكرة التمس من خلالها تأييد الحكم المستأنف لمصادفته للصواب. شرط الحضانة الاستقامة عـرضت القضية على أنظـار المحكمة انطلاقا من جلسة 9/5/,2006 وبجـلسة 23/5/,2006 تقرر حجزها للمداولة قصد النطق بالحكم فيها لجلسة 6/6/.2006وبمقتضى المادة 173 من مدونة الأسرة؛ فإن من شروط استحقاق الحضانة الرشد القانوني، والاستقامة والأمانة، والقدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته، دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه. والثابت من محضر الضابطة القضائية عدد 340/ ج ح ش 19 وتاريخ 2/9/2004؛ أن المستأنف عليها قد صرحت معترفة بأنها عاهرة، وتتعاطى الفساد والتحريض عليه، وأنه حين إلقاء القبض عليها كانت تحرض على الفساد، ولذلك فشرط الاستقامة والأمانة غير متوفر لديها؛ إعمالا لنص المادة أعلاه. إلا أن محكمة الاستئناف برأتها من المنسوب إليها مردودا، على اعتبار أن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 2/12/2005 في الملف 2938/2005 ، لم يبرئ المستأنف عليها على أساس انتفاء الفعل المنسوب إليها، وإنما برأها على أساس عدم توافر العناصر التكوينية للفعل.ولذلك قضت محكمة الاستئناف بسقوط حضانة المدعى عليها عن البنت، وتسليمها لوالدها المدعي، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها مائة درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، وتحميل المدعى عليها صائر الدعوى ورفض باقي الطلبات. ******** دوافع الأب لإسقاط حضانة مطلقته حضارية و مسؤولة القرار موضوع هذا التعليق عالج جانبا مهما يكثر تداوله في محاكم المملكة، يتجاذبه طرفان، طرف يريد الاحتفاظ بالحضانة، ويكون في غالب الأحيان هو المرأة المطلقة، وطرف آخر يسعى إلى إسقاط حضانة بنت أو ولد أو أولاد عن مطلقته حتى تؤول إليه . والحقيقة أن موضوع الحضانة تغلفه من جانبي الرجل والمرأة مجموعة من الأغلفة التي قد يتداخل فيها الإنساني أوالاجتماعي أوالمادي، فالمرأة قد تسعى إلى الاحتفاظ بفلذة كبدها؛ حفاظا على رابطة الأمومة والحنان والالتصاق الطبيعي الذي يجمع كل أم بفلذتها، وقد يكون دافعها بالإضافة إلى ذلك ماديا؛ متمثلا أساسا في الحصول على النفقة والحضانة والسكنى وغيرها من طليقها كلما احتفظت بالحضانة، وقد يكون انتقاميا، وذلك بممارسة نوع من الحضانة الذي يمكن أن نسميه الحضانة السلبية؛ حينما تحرم الابن من الالتقاء بوالده، وتحاول التحكم في اللقاءات بينهما، والتقليل منها، وهذا السلوك يمكن معالجته من الناحية القانونية، ولكن ذلك لا يمكن أن يتم بسهولة، ولكن بعد مكابدة مجموعة من المساطر القانونية . أما الرجل فقط يكون الدافع الذي حركه لمحاولة إسقاط حضانة مطلقته وكسب حق حضانة أبنائه أخلاقيا، حينما يتبين له أن سلوك الأم الحاضنة الأخلاقي قد يؤثر على أبنائه، فيكون هذا الدافع حضاريا ومسؤولا، وغالبا ما تستجيب المحاكم للأب وتسقط الحضانة عن الأم؛ في حالة ثبوت سلوكها المشين ، وقد يكون دافع الأب لمحاولة إسقاط الحضانة عنها دافعه هو التخلص من واجبات النفقة والحضانة والسكنى، وهذا السبب الخفي والأساسي؛ هو الذي تحمله السطور الخفية لأغلب ملفات إسقاط الحضانة المقدمة من الآباء ضد مطلقاتهم ، وقد يسعى بعض الآباء إلى فبركة ملفات تتعلق بالفساد للحاضنة من أجل إسقاط حضانة أبنائهم . فموضوع الحضانة من حيث محاولة إسقاطها من قبل الآباء والاجتهاد من قبل الأمهات للاحتفاظ بها؛ تتداخل فيه مجموعة من الأحاسيس الإنسانية والأهواء الشيطانية والانتقامية، والمصالح المادية . والقرار المشار إليه في هذا الملف أسقط حضانة أم بالاعتماد فقط على محضر ضابطة قضائية؛ تعترف فيه بأنها تتعاطى للفساد والتحريض عليه . واعتبر أن اعترافها يجعل شرط الأمانة والاستقامة المنصوص عليهما في المادة 173 من مدونة الأسرة غير مستوف في الأم، وقضت محكمة الاستئناف بالجديدة بسقوط حضانة الأم ، رغم أن هذه الأم حصلت على قرار استئنافي يبرئها من التهم المنسوبة إليه . القرار موضوع هذا التعليق يتداخل فيه ما هو مدني بما هو جنحي، وتتداخل فيه مدونة الأسرة بفصول القانون الجنائي، والمسطرة الجنائية، وكذا أحكام المسطرة المدنية . فأساس هذا الملف هو متابعة الأم بجنحة متعلقة بالتحريض على الفساد، أدينت بسببها الأم ابتدائيا ، لكنها استأنفت القرار القاضي بإدانتها، فحصلت الأم المتهمة على قرار استئنافي قضى ببراءتها . الأب استغل الظرفية القانونية والقضائية التي أحكمت شراكها بالأم الحاضنة، وطلب إسقاط حضانتها . والمحكمة الابتدائية قضت بإسقاط حضانتها بناء فقط على الحكم الابتدائي الجنحي القاضي بالإدانة، وكان عليها أن تنتظر صدور القرار الاستئنافي حتى تتقيد بالقاعدة الشهيرة الجنائي يعقل المدني .فاستأنفت الحاضنة الحكم الابتدائي، وأدلت ضمن مقالها الاستئنافي بقرار استئنافي برأها من التهمة التي نسبت إليها، والمتمثلة في التحريض على الفساد، والتي اعتمدتها المحكمة الابتدائية لإسقاط حضانة الأم ، لكن رغم هذا المستجد الجديد؛ فمحكمة الاستئناف قضت بتأييد الحكم الابتدائي؛ القاضي بإسقاط حضانة الأم، وعللت قرارها بأنه رغم حصول العارضة على البراءة من جنحة التحريض على الفساد ، فإن تصريحها في محضر الضابطة القضائية بأنها تتعاطى للفساد والتحريض؛ يجعل شرط الأمانة والاستقامة غير متوفر لديها؛ طبقا للمادة 173 من مدونة الأسرة، ويبرر التصريح بسقوط الحضانة . والتعليق على مدى صوابية هذا القرار يجرنا إلى الحديث عن مجموعة من الافتراضات من مثل: هل يمكن اعتبار محاضر الضابطة القضائية حجة أمام القضاء المدني؟ فقانون المسطرة المدنية لا ينص ضمن وسائل الإثبات على اعتبار محاضر الضابطة القضائية وسيلة إثبات . وكذلك يطرح سؤال عريض أيضا يتعلق بمدى حجية الأحكام الجنائية القضائية أمام المحاكم المدنية، وهل الحكم الجنحي يمكن فصل منطوقه عن وقائعه، واعتماد القاضي المدني ما يراه مناسبا؛ حتى ولو كان مناقضا للجزء الآخر في الحكم . ويمكن أن يطرح سؤال آخر: هل اعتراف الأم الحاضنة بممارسة الفساد والتحريض عليها، الذي سطر عليها بمحضر الضابطة القضائية؛ اعتراف حقيقي صادر عنها، أم أنه سطر لها ووقعت عليه دون أن تعلم به؟ في رأينا المتواضع كان على محكمة الاستئناف قبل أن تصدر قرارها موضوع هذا التعليق أن تجري بحثا بالمكتب مع الأطراف المعنية، وتحاول أن تمحص اعترافاتها، وتتأكد من مدى صحتها ، فقد يكون الأب المطلق وراء هذا الملف من أجل إسقاط حضانة الحاضنة . ومحكمة الاستئناف حينما عرضت عليها قضية هذه الحاضنة في شقها الجنحي، لو تبين لها بأنها تمارس الفساد أو أي فعل آخر لكيفت الجنحة وأدانتها من أجل الفساد، لكن ربما ظهر لها بأن الملف خال من أي وسيلة إثبات، لذلك قضى ببراءة المتهمة الحاضنة . وهابي رشيد- محامي بهيئة الجديدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق