الاثنين، سبتمبر 27، 2010

مدونة السير المغربية:السياقة تحت تأثير الكحول من ظروف التشديد في حوادث السير

بحلول فاتح أكتوبر من السنة الحالية، سيتم تطبيق مدونة السير التي أثارت الكثير من الجدل داخل البرلمان قبل المصادقة عليها. واعتبرت الحكومة أن المدونة تندرج  في إطار الاستراتيجية
الحكومية المتعلِّقة بالسلامة الطرقية وترمي إلى تحديث المقتضيات القانونية
لمواجهة آفة حوادث السير ومواكبة التطورات والمستجَدّات المرتبطة بميادين السير والجولان في المجالات التكنولوجية والتربوية والجزائية. ومن أجل أن يعرف القارئ -السائق ما  ينتظره من إجراءات وعقوبات، نُورد بعضَ العناصر التي جاءت بها المدونة، استنادا إلى ما جاء فيها وما تَضمّنه موقع وزارة التجهيز والنقل..
 جعلت مدونة السير من السياقة تحت تأثير الكحول جنحة تستوجب العقاب حماية لحياة جميع المواطنين على الطرق. وبغية تجنب كل شطط في استعمال السلطة تجاه المواطنين، أقرت مدونة السير ضرورة اعتماد عون المراقبة على جهاز قياس نسبة الكحول من أجل المعاينة الموضوعية لحالات السياقة تحت تأثير الكحول.
إن جهاز قياس نسبة الكحول وسيلة وقائية تمكن من ضبط الحضور الفعلي للكحول في الهواء المنبعث من فم السائق. ويتوفر هذا الجهاز على أنبوب مستقل يستجيب للمواصفات الصحية ويستعمل لمرة واحدة فقط.
ويضمن هذا الجهاز، الذي يفرز الدليل المادي على ارتكاب الجنحة المنصوص عليها في مدونة السير، حقوق السائق بفضل إخضاع هذا الأخير تلقائيا لتحليل الدم من أجل الإثبات القطعي لوجود أو غياب الكحول في الدم.
وبالنظر إلى الطبيعة الوقائية لهذا الجهاز، فإن كل سائق يمكنه أن يكون موضوع مراقبة لنسبة الكحول في دمه وبدون خلفيات مهما كانت طبيعتها.
وعاقبت مدونة السير بوضوح على السياقة تحت تأثير الكحول دونما تمييز بين حالة السكر وحالة الثمل. وتعتبر هذا الجريمة جنحة يعاقب عليها بالحبس من 6 أشهر إلى سنة واحدة أو بغرامة تتراوح بين 5000 و10.000 درهم، وكذا سحب رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر وسنة واحدة.
ويعتبر السكر ظرفا من ظروف التشديد في حالة ما إذا أدت الحادثة إلى قتل أو جروح خطيرة أو عاهة مستديمة.
ومثلت العقوبات السالبة للحرية نقاشا قبل المصادقة على مدونة السير الجديدة، غير أن الحكومة أكدت أنها تعتبر محورا في غاية الأهمية الهدف منه ردع السائقين المتهورين الذين يخالفون بشكل مقصود قواعد السير ويرتكبون حوادث خطيرة جدا. وتنص مدونة السير على مجموعة من الأحكام الخاصة بالجنح التي يرتكبها السائق والمتعلقة بالقتل والجرح بسبب عدم احترام قواعد السلامة والسير الطرقي.
وتظل العقوبات السالبة للحرية المتضمنة في مدونة السير مطابقة لمستوى العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي المعمول به حاليا، باستثناء الغرامات التصالحية والجزافية التي تم تحديدها بناء على خطورة المخالفات، كما تتضمن مدونة السير ضمانات للسائقين في حالة وقوع حادثة سير تخلف قتيلا أو جريحا عبر التنصيص الواضح على «ثبوت المسؤولية».
الحبس من شهر إلى سنتين لمهمل أدت
 سياقته إلى عجز مؤقت
تنص المادة 165 من مدونة السير على أن كل سائق تسبب للغير بدون عمد، بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته لأحد التزامات السلامة أو الحيطة المقررة في هذا القانون أو في النصوص الصادرة لتطبيقه، نتيجة حادثة سير، في عجز مؤقت عن العمل، فإنه يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من ألفين إلى عشرة آلاف  درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
وترفع العقوبة إلى الضعف إذا اقترن ارتكاب الحادثة بإحدى الحالات الآتية:






أ ـ عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بضوء تشوير أحمر.
ب ـ عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بعلامة «قف».
ج ـ عدم احترام حق الأسبقية.
د ـ التجاوز أو التقابل المعيب.
هـ ـ عبور خط متصل ما لم يكن يسمح بذلك.
و ـ التوقف غير القانوني ليلا وبدون إنارة خارج تجمع عمراني.
ز ـ عدم توفر المركبة على الحصارات المحددة بالنصوص التنظيمية.

أما المادة 167 من مدونة السير فتنص على أن كل سائق تسبب للغير بدون عمد، بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته لأحد التزامات السلامة أو الحيطة المقررة في هذا القانون أو في النصوص الصادرة لتطبيقه، في جروح أو إصابة أو مرض نتيجة حادثة سير، ترتبت عنها عاهة مستديمة، فإنه يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة مالية تتراوح بين أربعة آلاف درهم وعشرين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
وترفع العقوبة إلى الضعف إذا اقترن ارتكاب الحادثة بإحدى الحالات الآتية:






أ ـ عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بضوء تشوير أحمر.
ب ـ عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بعلامة «قف».
ج ـ عدم احترام حق الأسبقية.
د ـ التجاوز أو التقابل المعيب.
هـ ـ عبور خط متصل ما لم يكن يسمح بذلك.
و ـ التوقف غير القانوني ليلا وبدون إنارة خارج تجمع عمراني.
ز ـ عدم توفر المركبة على الحصارات المحددة بالنصوص التنظيمية.
2ـ إذا كان الفاعل تحت تأثير أدوية تحظر السياقة بعد تناولها. 3ـ إذا تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بما يعادل أو يفوق 50 كيلومترا في الساعة. 4ـ إذا كان غير حاصل على رخصة السياقة أو على الصنف المطلوب لسياقة المركبة المعنية. 5ـ إذا كان يسوق مركبته خرقا لمقرر يقضي بسحب رخصة السياقة أو بتوقيفها أو بإلغائها. 6ـ إذا ارتكب إحدى المخالفات التالية: 7ـ إذا لم يتوقف رغم علمه بأنه ارتكب حادثة سير أو تسبب في وقوعها أو غيـّر حالة مكان الحادثة محاولا التملص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها. 1ـ إذا كان الفاعل في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول أو تحت تأثير مواد مخدرة. 2ـ إذا كان الفاعل تحت تأثير أدوية تحظر السياقة بعد تناولها. 3ـ إذا تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بما يعادل أو يفوق 50 كيلومترا في الساعة. 4ـ إذا كان غير حاصل على رخصة السياقة أو على الصنف المطلوب لسياقة المركبة المعنية. 5ـ إذا كان يسوق مركبته خرقا لمقرر يقضي بسحب رخصة السياقة أو بتوقيفها أو بإلغائها. 6ـ إذا ارتكب إحدى المخالفات التالية: 7ـ إذا لم يتوقف رغم علمه بأنه ارتكب حادثة سير أو تسبب في وقوعها أو غيـّر حالة مكان الحادثة محاولا التملص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها.
 

الثلاثاء، مايو 04، 2010

مرسوم يحدد تعريفة أجور العدول و يوسع من اختصاصاتهم

المصدر: جريدةالاحداث المغربية
حدد مرسوم للوزير الأول  تعريفة أجور العدول في 500 درهم لكل من وثيقتي الزواج و الطلاق، و 400 درهم بالنسبة لإثبات الموت و عدة الإراثة .
 أما بالنسبة لما يسمى « الفريضة »
  تعيين أنصبة الورثة عن كل هالك فيبلغ 300 درهم، ويتقاضى العدول عن شهادة إحصاء التركة 2 فالمئة عن كل مبلغ لا يفوق 25 ألف درهم و لا يقل مبلغ الأجر عن 300 درهم في هذه الحالة، وفوق 25 ألف درهم إلى 50 ألف درهم يتقاضى العدول نسبة 1 فالمئة من المبلغ على أن لا يقل ما يقبض عن 400 درهم، أما إذا تجاوز مبلغ التركة 50 ألف درهم، فقد حدد مرسوم الوزير الأول أجر العدول في نسبة 0،50 فالمئة تقتطع من المبلغ، و أقل ما يقبض في هذه الحالة هو 500 درهم. ويتوجب على طالب شهادة ثبوت الملكية أو استمرارها حسب المرسوم، أن يؤدي للعدول نسبة 1،50 فالمئة من قيمة العقار، و أقل ما يقبض في هذه الحالة هو 300 درهم، أما في غير العقار فإن أجر العدول يصل إلى نصف التعريفة المحددة للعقار، ويلزم المتعاقدان في جميع الأحوال ببيان قيمة الأموال المضمنة في الشهادة كما يلزم العدول بإدراج هذه القيمة في الوثيقة ، أما بالنسبة لعقد البيع فيحدد الأجر في 3 فالمئة بالنسبة لمبلغ يقل عن 25 ألف درهم و 1،5 فالمئة بالنسبة للمبالغ، التي تصل إلى 50 ألف درهم ، و 0،50 بالنسبة للمبالغ التي تفوق 50 ألف درهم. ويسـتخلص أجر العدول عن تحـريرهم لعـقود بيع غير عقارية من نصف بيع العقار و في حالة بيع الصفقة تـطـبق تـعريفـة البـيـع على الأنــصبة التي تم تفويتها، وبالنسبة لتعريفة المعاوضة أو المقايضة فتستخرج على أساس تقويم العوض الأكثر قيمة، ويلزم القانون الأطراف ببيان قيمة الأملاك المتعاوض فيها كما يلزم العدول بإدراج هذه القيمة في الوثيقة، وحدد المرسوم نــصف التعريفة المعمول بها في حالة البيع بالنسبة لعقود القسمة ( المخارجة)، وفي حالة توثيق رسم شركــة فإن الأجر يحدد باقتطاع نسبة 2 فالمئة من المبلـغ الذي يصل إلى 50 ألف درهم و فـوق هذا المبلـغ فـإن أجر العدول حدد في نـسبة 0.5 فالمائة، وبالـنـسبة لباقي الشهادات التي يشهد فيها العدل بناء على ما يمليه المشهود عليهم فقد حدد الأجر في 300 درهم، و 400 بالنسبة لشهادات اللفيف. أما بالنسبة لتنقلات العدول، فإن المرسوم حدد تعويضاتهم في 50 درهما عن التنقل داخل المدينة أو في البادية، و 100 درهم لكل عدل يتوجه خارج المدينة أو من البادية إلى المدينة. وفي نفس السياق صدر مرسوم تطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، والذي يحدد كيفية إجراء مباريات مهنة العدول و المكاتب العدلية لكل دائرة و تحديد موادها و درجات تقييم اختباراتها خصوصا في الأبواب الثلاثة الأولى، أما الباب الرابع فقد خصص لكيفية إجراء التمرين من طرف العدل المتمرن المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 16.03، المتعلق بخطة العدالة، حيت يقضي العدل التمرين بالمعهد العالي للقضاء وبتنسيق مع مديرية الشؤون المدنية، و تشتمل هذه الفترة على طور للدراسات و الأشغال التطبيقية بالمعهد العالي للقضاء مدته ستة أشهر، ويرمي إلى تأهيله لمزاولة مهنة التوثيق بواسطة تعليم خاص، يشمل على الخصوص المقتضيات القانونية المنظمة لخطة العدالة، وكيفية تلقي وتحرير مختلف الشهادات، والإجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل والتمبر وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية والتعمير والأراضي الفلاحية مع القيام بزيارات ميدانية إلى المؤسسات المعنية. كما يخضع العدل لتدريب بقسم قضاء الأسرة مدته شهران تحت إشراف القاضي المشرف على القسم المذكور ، وبمكتب عدلي يحدده القاضي المكلف بالتوثيق باقتراح من رئيس المجلس الجهوي للعدول أو من ينوب عنه مدته أربعة أشهر، ويتعين على عدول المكتب القيام بتمرين العدل المتمرن تحت إشراف القاضي المكلف بالتوثيق وبتنسيق مع رئيس المجلس الجهوي للعدول، ويشارك العدل المتمرن تحت مسؤولية العدلين في نشاط المكتب غير أنه لا يجوز له أن يتلقى الإشهاد ويقوم بوجه خاص بمساعدة العدول في جميع إجراءات الإشهاد و الحضور معهم في أثناء تلقيهم للشهادة وتحريرها واتخاذ الإجراءات اللازمة للخطاب عليها.

الاثنين، مايو 03، 2010

كاتب الضبط

مقدمة :
لا أحد ينازع اليوم أو يشكك في الدور الحيوي الذي تضطلع به كتابة الضبط داخل المحكمة، حيث أصبح الاعتراف بمثل هذه الحقيقة واقع يفرض نفسه على كل متعامل مع هذه المؤسسة، بل إن إصلاح القضاء
كما جاء في خطاب جلالة الملك : 29 يناير2003 يقتضي النهوض بكتابة الضبط وذلك بوضع نظام أساسي محفز وحماية موظفيها من كل اعتداء أو إهانة.
إن تحقيق العدالة وتسهيل مهمة القضاء يقتضي تدخل جهاز كتابة الضبط، فالقاضي وحده لا يستطيع أن يقوم بجميع الأعمال التي يتطلبها السير في الدعوى والتحقيق فيها، وتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها.
في خضم هذه الأهمية التي تحتلها مؤسسة كتابة الضبط ، ونظرا لأهمية الموضوع المتمثل في عمل كاتب الجلسة قبل وأثناء وبعد الجلسة، فإننا سنحاول دراسته من خلال التقسيم التالي :
القسم الأول : دور كاتب الضبط قبل وأثناء وبعد الجلســة
المبحـــث الأول : المهام المنوطة بكاتب الضبط قبل الجلسة.
i. المطلب الأول : تقييد الدعاوي التي ترد على المحكمة (المادة 31 من ق م م)
ii. المطلب الثاني : توجيه استدعاءات الجلسة (الفصل 36 ق م م)
iii. المطلب الثالث : إعداد جدول الجلسات (الفصل 46 من ق م م)
المبحث الثاني : المهام المنوطة بكاتب الضبط خلال الجلسة وبعدها.
iv. المطلب الأول : عمل كاتب الضبط خلال الجلسة
v. المطلب الثاني : عمل كاتب الضبط بعد الجلسة (ق 50 و51 من ق م م)
القسم الثاني : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد
المبحث الثالث : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج قبل صدور الحكم أو القرار ؛
vi. المطلب الأول : تلقي الشكايات
vii. المطلب الثاني : فتح الملفات و الإجراءات المواكبة له
viii. المطلب الثالث : الإجراءات المسطرية المتعلقة بالجلسة
المبحث الرابع : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ظوء ق م ج بعد صدور الحكم أو القرار.
ix. المطلب الأول : تبليغ الأحكام و القرارات
x. المطلب الثاني : تلقي الطعون و توجيهها للمحكمة المختصة
xi. المطلب الثالث : تسليم النسخ العادية و التنفيذية
xii. المطلب الرابع : التنفيذ الزجري للأحكام أو القرارات الزجري
القسم الأول : دور كاتب الضبط قبل وأثناء وبعد الجلســة
إن كتابة الضبط تسهر على تسجيل الدعاوى المرفوعة إلى المحكمة وتوجيه استدعاءات الحضور وإجراء التبليغات المتطلبة وتصنيف ملفات الدعوى، وحفظ الوثائق إلى غير ذلك من الأعمال.
فيما يعود لدينا من اعتقاد متواضع فإنه لا يمكن تحقيق عدالة بمعناها الحقيقي وقضاء نزيه وفعال وصدور أحكام عادلة ومنصفة دون الانفتاح على هذه المؤسسة لأنها هيأت بالأساس لتكملة عمله والمساهمة في
تفعيله وسعيا وراء تحقيق حماية أكبر للحقوق والحريات.
المبحث الأول : المهام المنوطة بكاتب الضبط قبل الجلسة.
المطلب الأول : تقييد الدعاوي التي ترد على المحكمة (المادة 31 من ق م م)

حسب الفصل 31 من ق م م فإن الدعوى تفتتح بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعى أو من وكيله أو بتصريح شفوي يدلي به المدعي إلى كاتب الضبط الذي يحرره في محضر خاص، ويوقع عليه المدعي، إذا كان يحسن التوقيع، وإلا أشار إلى ذلك ويبصمه ببصمته ويؤدى عنه الرسوم القضائية.
ويسجل المقال في سجل معد لذلك يرقم، ثم يفتح لـه ملف ويحال على السيد رئيس المحكمة ليعين القاضي المقرر إذا كان النزاع يدخل ضمن القضاء الجماعي أو قاضيا مكلفا بالقضية إذا كان النزاع يتعلق بالقضاء الفردي ليعين تاريخ أول جلسة.
إن كاتب الضبط خلال هذه المرحة يعمل على تصنيف الدعاوي مراعيا في ذلك موضوعها وسببها من أجل إظهار موضوعها بواجهة الملف، كما يتأكد من أطراف الدعوى وعددهم من أجل المطالبة بنسخ من المقال بعدد الأطراف مع إنذارهم، وفي حالة عدم الاستجابة يخبر رئيس الجلسة للتشطيب على الدعوى (ف 142).

المطلب الثاني : توجيه استدعاءات الجلسة (الفصل 36 ق م م)
الاستدعاء حسب الفصل 36 من ق م م هو وسيلة اتصال الأطراف بالمحكمة، ويقع الاستدعاء في نموذج هيأته وزارة العدل يشمل الاسم العائلي والشخصي للأطراف وعناوينهم واسم القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية وموضوع الدعوى ورقم القضية مع اسم المحكمة التي تبث فيها وتاريخ الجلسة ورقم قاعة الجلسات.
وهذا الاستدعاء يبلغ إما بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو العون القضائي أو الطريقة الإدارية أو البريد المضمون أو عن الطريق الدبلوماسي.
هـذا وقـد حـدد المشرع المغربي آجالا لهذه الاستدعاءات وفق الفصلين 40 و41 من ق م م، وقد راعى المشرع في هذه الآجال (خمسة أيام على الأقل إذا كان يسكن في نفس المدينة التي توجد بها المحكمة أو قريبا منها ، أما إذا كان بعيد فإن المدة تزيد إلى 15 يوما) إعطاء فرصة للمدعى عليه ليهيئ دفاعه وليتدبر أمره.
لكن ما الحكم إذا حضر المدعى عليه في الجلسة المعينة في الاستدعاء ودفع بمخالفة الاستدعاء للفصل 40 أي عدم احترام الآجال المنصوص عليها في الفصل السالف الذكر ؟
في هذه الحالة يتعين على القاضي تأخير القضية لجلسة أخرى يشعر لها المدعى عليه.
المطلب الثالث : إعداد جدول الجلسات (الفصل 46 من ق م م)
يقوم كاتب الضبط بيوم على الأقل قبل انعقاد الجلسة بتضمين القضايا بسجل الجلسات بدء بقضايا المداولة التي ستبث فيها المحكمة متبوعا بقضايا المناقشة حسب نموذج السجلات المعدة من طرف وزارة العدل.
وتظهر أهمية هذا السجل أثناء مراقبة القضايا وتتبع مآلها وهو ما أكده الفصل 46 من ق م م بحيث يتعين على كاتب الضبط أو كاتب الجلسة عموما توثيق تواريخ التأخير ومآل المداولات كما يساعد هذا السجل في ضبط عدد القضايا المحكومة والمؤخرة وقضايا المداولة التي تم تمديد المداولة بشأنها، ويتم التوقيع على هذا السجل عند حصر كل جلسة من طرف رئيس الجلسة وكاتب الجلسة.

المبحث الثاني : المهام المنوطة بكاتب الضبط خلال الجلسة وبعدها
المطلب الأول : عمل كاتب الضبط خلال الجلسة
أولا : كاتب الجلسة :

سواء تعلق الأمر بقانون المسطرة المدنية أو المسطرة الجنائية فإن تشكيلة الهيئات القضائية تتضمن كاتبا للجلسة، وأثناء انعقاد الجلسة يجلس كاتب الضبط على يسار الرئيس مرتديا بذلته النظامية المحددة وفق قرار السيد وزير العدل رقم 1.505.91 الصادر بتاريخ 12 جمادى الأولى 1412 موافق 20 نونبر 1991 الذي يحدد بموجبه المميزات الخاصة ببذلة كاتب ضبط الجلسات ويضم هذا القرار أربعة مواد أولها مجانية البذلة وثانيها مميزات البذلة ذات اللون الأسود والوشاح الأبيض.
هذا ولا يؤدى كاتب الجلسة وظيفته إلا بعد أداء اليمين القانونية المنصوص عليه وفق ظهير 16/12/57 أو المنشور الوزيري رقم 22 المؤرخ في 08/08/1960 بشأن استيفاء اليمين القانونية من طرف كتاب الضبط.
والمهمة الأساسية لكاتب ضبط الجلسة الذي يوصف بالشاهد الشريف هي تدوين ما راج في الجلسة في محضر قانوني يسمى بمحضر الجلسة، هذا الأخير الذي تترتب عنه أثارا قانونية من حيث صحته وقانونية وخطورة ما يضمن به وهذا ما أكده الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه أن مسؤولية كاتب الضبط لا تقل مسؤولية عن القاضي إذ يتعين أن يكون كاتب الجلسة على قدر من الثقافة والإلمام بالقواعد الإجرائية ومعروف بالسلوك القويم حتى يتأتى له تحرير محضر يوصف بالقانوني.
ثانيا: محضر الجلسة وحجيته :
إن محضر الجلسة المعد من طرف كاتب ضبط لجلسة، يصلح بالفعل لتكوين حجة قانونية تشهد على احترام بعض مقومات المرافعات، كما أنه يستعمل كوسيلة لترشيد الأحكام.
إن محضر الجلسة تقرير خطي يدون وفق النموذج المعد من طرف وزارة العدل الذي يتضمن في ديباجيته اسم المحكمة ورقم القضية وتاريخ الجلسة وأسماء الهيئة الحاكمة بما فيها كاتب الضبط.
ومن بين الأسس القانونية التي يجب أن يتضمنها محضر الجلسة :
* رقم القضية وتاريخ الجلسة ومكان انعقادها
* أسماء القضاء المشاركين بحضور النيابة العامة أو عدمه وكذا اسم كاتب الجلسة
* حضور أطراف القضية أو دفاعهم أو غيابه وكيفية توصله بالاستدعاء
* اسم المحكمة المعروض عليها القضية
* بيان طبيعة النزاع
* تسجيل المناداة على القضية وأطرافها
* تسجيل علنية الجلسة أو سريتها
* تسجيل دفوع الأطراف وموقف المحكمة منها
* تسجيل مآل القضية (تأخير –مداولة) أسباب التأخير
* تسجيل تلاوة التقرير من طرف المقرر أو إعفاؤه من طرف الرئيس وعدم معارضة الأطراف
* تسجيل تبادل المذكرات بين الأطراف
* تسجيل المرافعات الشفوية
* تسجيل تصريحات الشهود والتراجمة في القضايا التي تتطلب ذلك
* تسجيل الأحكام والأوامر الصادرة من طرف المحكمة
* توقيع المحضر من طرف رئيس الجلسة وكاتب الجلسة
* ومما يجب مراعاته في كتابة محضر الجلسة هو الدقة وتجاوز التشطيب أو المحو أو الإضافة بين السطور لأن كل عمل مثل هذا من شانه أن يثير الشك في قانونية وصدق هذه المحاضر.
هذا ومحضر الجلسة من خلال قانون المسطرة الجنائية يضطلع بامتياز هام يتمثل في تمتعه بدرجة الحجية المطلقة شريطة أن يكون صحيحا من الناحية الشكلية وأن يضمن في كاتب الجلسة وهو ما يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شأن الأمور الراجعة لاختصاصه.
ونظرا لأهمية محضر الجلسة اهتم القضاء كثيرا بهذا الجانب واعتبر أن حضور كاتب الضبط وعدم تحرير المحضر يؤدي إلى بطلان الإجراء الذي قام به القاضي، كما قرر إبطال المحضر الذي يحتوي على تصريحات مغفلة.
هذا ويجب على كاتب الجلسة أن يتقيد بتاريخ المحضر، حيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية بأن إهمال هذا التاريخ يترتب عنه نقض الحكم والإجراءات بل واعتبرت أن أجل توقيع المحاضر من النظام العام، ومن تم يجب الالتزام به وذهبت إلى ان هناك مساسا بحقوق المحكوم عليه إذا لم يتمكن دفاعه من الإطلاع على المحضر في خمسة أيام بعد النطق بالحكم.

المطلب الثاني : عمل كاتب الضبط بعد الجلسة (ق 50 و51 من ق م م)
بعد انتهاء الجلسة ورفعه بالطريقة القانونية فإن كاتب الضبط وبعد الالتحاق بمكتبه يقوم بتصفية الجلسة أي تضمين مآل القضايا المعروضة للمناقشة أو المداولة بسجل الجلسة وترقيم الأحكام أو القرارات أو الأوامر التمهيدية وحصر الجلسة وإحصاء عدد القضايا المحكومة نهائيا أو ابتدائيا أو تمهيديا والتوقيع على ذلك بمعية الرئيس.
وإذا كان الفصل 50 من ق م م ينص على أن الأحكام يجب أن تصدر في جلسة علنية، فإن الممارسة العملية وخاصة في الميدان المدني أثبتت أنه لا يمكن التوصل إلى ذلك نظرا لكثرة الملفات الرائجة والسرعة التي تتم بها تلاوة المنطوق وهو ما يجعل كل كتاب الجلسات بمحاكم المغرب يلجؤون إلى القيام بذلك بعد الجلسة والتوقيع على المحضر بمعية رئيس الجلسة وفق الفصل 51.
وقد حدد الفصل 50 من ق م م البيانات الإلزامية التي يجب أن يشتمل عليها كل حكم قضائي تحت طائلة البطلان، ومن هذه البيانات صدوره في جلسة علنية حتى ولو كانت المناقشة تمت بقرار من المحكمة في جلسة سرية وتحمل في رأسها (المملكة المغربية) و(باسم جلالة الملك) باعتبار جلالته رأس السلطة القضائية التي هي مظهر من مظاهر الإمامة العظمى المنوطة بأمير المؤمنين.
ومن البيانات الإلزامية كذلك، التي أوجب المشرع ضرورة النص عليها في الحكم، ذكر اسم القاضي أو القضاة الذين أصدروه، واسم كاتب الضبط، وأسماء المستشارين في قرارات محاكم الاستئناف أو المجلس الأعلى والإشارة إلى حضور ممثل النيابة العامة إن كان ضروريا وملخص مطالبه.
هذا وإذا عاق الرئيس أو القاضي المقرر عائق أصبح معه غير قادر على التوقيع وقع من طرف رئيس المحكمة بعد إشهاد من طرف كاتب ضبط الجلسة على أن منطوق الحكم مطابق للصيغة التي صدر عيها.
وإذا حصل مانع لرئيس المحكمة وقع بالنيابة عليه أقدم القضاة، وإذا حصل مانع لكاتب الجلسة ذكر القاضي ذلك في الحكم دون أن يوقع من طرف كاتب آخر.
وإذا حصل مانع لكل من القاضي والكاتب اعتبر الحكم كأن لم يكن وأعيدت القضية للمناقشة من جديد، وكأن الحكم لم يقع مطلقا، ولا يمكن لمن صدر الحكم لصالحه أن يحتج به لأن الحكم لا يكتمل إلا بتوقيعه ممن يجب.
إن غاية المشرع من توقيع الأحكام وترقيمها هو ضبطها وترتيبها من أجل الرجوع إليها كل ما دعت الضرورة إلى ذلك تسهيلا لإمكانية التتبع وتسليم النسخ وحفظ الملفات والاحتفاظ بأصول الأحكام والقرارات والأوامر وفق ترتيب معين، هذا بالإضافة إلى تيسير عملية الإحصاء الأسبوعي والشهري والدوري والسنوي.

القسم الثاني : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد
منذ فجر الاستقلال، عرف المغرب مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية الهدف منها ضمان السيادة على مجموع التراب الوطني، وبناء دولة الحق والقانون وكسب رهان الديموقراطية والتنمية.
إن ترسيخ مبدأ السيادة على جميع التراب الوطني لا يمكن تحقيقه إلا بإقامة العدل وتقريب القضاء من المتقاضين وإنشاء مؤسسات قضائية تسهر على الفصل بين المتنازعين أيا كان موضوع النزاع المعروض عليها.
وإذا كان المشرع خلال هاته الفترة عمل على تحديث مؤسساته القضائية بهدف مغربة القضاء وإقرار مبدأ العدل والمساواة أمامه فإنه عمل بالمقابل على سن وتعديل مجموعة من القوانين كقانون الجنسية وقانون الحريات العامة وقانون المسطرة الجنائية ومدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة حاليا) ...
وعليه وفي ظل هاته الإصلاحات التي عرفتها الترسانة القانونية، واستجابة لمطالب المؤسسات والمنظمات الحقوقية وطنيا ودوليا التي ظلت تناضل لمدة أربع عقود من الزمن أسفر عن تعديل ق م ج بمقتضى قانون رقم 01-22 بهدف إقرار إجراءات تكفل الحفاظ على حق الفرد والجماعة وحماية الإنسان وإقرار حق الدفاع وضمان محاكمة عادلة.
في ضوء هاته الإصلاحات التي عرفها ق م ج، ونظرا لأهمية الموضوع فإننا نتساءل : أي دور لكتابة الضبط في قانون المسطرة الجنائية الجديد ؟
الجواب عن هذا السؤال يقتضي منا معالجة المبحثين التاليين:
المبحث الثالث : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج قبل صدور الحكم أو القرار ؛
المطلب الأول : تلقي الشكايات
يقدم الشكوى المتضرر نفسه أو من يوكله، ما لم ينص القانون على إمكانية تقديم الشكاية بواسطة غيره، كما هو الشأن بالنسبة للمادة 71 من قانون الصحافة التي تنص على أنه في حالة السب أو القذف الموجه ضد أعضاء الحكومة فإن وزير الداخلية يتقدم بشكوى إلى وزير العدل، وإذا كان المتضرر قاصرا أو محجوزا عليه لسفه أو خلل عقلي، فإن الذي يقدم الشكاية هو حاجره القانوني...
هذا وتقدم الشكايات إلى السيد وكيل الملك طبقا للمواد من 39 إلى 47 من ق م ج أو الوكيل العام للملك طبقا للمواد من 48 إلى 51 أو قاضي التحقيق طبقا للمواد من 52 إلى 55 من ق م ج.
وإذا كانت الشكاية المباشرة التي يتقدم بها المتضرر إلى السيد قاضي التحقيق مرفقة بتنصيبه كمطالب بالحق المدني تقدم مباشرة إلى السيد قاضي التحقيق، فإن الممارسة العملية وأمام غياب نص قانوني وفي إطار الصلاحيات التي يخولها القانون للسيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو السيد رئيس المحكمة الابتدائية، فإن الشكاية تحال على المسؤول القضائي داخل المحكمة بواسطة كتابة الضبط لكي يعين قاضيا للتحقيق مكلف بالقضية في حالة تعدد قضاة التحقيق ، لتحال بعد ذلك على كتابة ضبط الغرفة المختصة بالتحقيق لتعمل على فتح ملف التحقيق و تضمينها بالسجل العام للتحقيق و عرضها على قاضي التحقيق لاتخاذ المتعين.
المطلب الثاني : فتح الملفات و الإجراءات المواكبة له
أولا : فتح الملفات أمام غرفة التحقيق والإجراءات المواكبة لها
تتجلى أهمية كتابة الضبط لدى غرفة التحقيق في تتبع الإجراءات التي يصدرها قاضي التحقيق أثناء عملية التحقيق في شكل أوامر كالأمر بإحضار الشاهد بواسطة القوة العمومية طبقا للمادة 128 من ق م ج و الأمر بالحضور أو الإحضار أو الأمر بالإيداع في السجن أو الأمر بإلقاء القبض طبقا للمادة 142 من ق م ج و كذا الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية طبقا للمادة 160 من ق م ج إلخ
هذا و يحال الملف سواء من طرف النيابة العامة أو من طرف السيد الرئيس الأول أو رئيس المحكمة أو عن طريق شكاية مباشرة على قاضي التحقيق و هو يحتوي على رقم النيابة و كذا محضر الضابطة القضائية ثم مطالبة إجراء تحقيق موقع من طرف السيد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك حيث تضم هذه المطالبة اسم المتهم و التهمة المنسوبة إليه و كذا هويته ـ ثم يلتمس السيد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك من السيد قاضي التحقيق إما بإيداعه بالسجن أو ما يراه مناسبا أو لتطبيق القانون.
بعد إحالة الملف على غرفة التحقيق تفتح له كتابة الضبط ملفا جديدا لديها في السجل العام الذي يضمن فيه الرقم الترتيبي للملف ثم تاريخ تسجيله و كذا رقم الملف بالنيابة واسم المتهم و كذا اسم المطالب بالحق المدني و كذا التهمة المنسوبة للمتهم، ثم تاريخ المطالبة بإجراء تحقيق بالإضافة إلى تهيئ الملف الأصلي و كذا تهيئ نسخة من الملف حتى تبقى لدى كتابة الضبط و ذلك بمجرد إنهاء البحث في القضية.
هذا و بمجرد إصدار قاضي التحقيق قرار بإنهاء البحث ، فإن كتابة الضبط تعمل على توجيه الملف إلى النيابة العامة للإطلاع ووضع ملتمسها النهائي و ذلك داخل أجل أقصاه 08 أيام من توصلها بالملف استنادا لمقتضيات المادة 214 من ق م ج بعدها يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا إما بإحالة القضية على غرفة الجنايات أو على المحكمة الابتدائية المختصة أو يصدر أمرا بعدم المتابعة أو غير ذلك.
و عليه فبمجرد إصدار قاضي التحقيق قراره فإن كتابة الضبط تعمل على تضمين القرار في سجل القرارات النهائية و تعطيه رقما ترتيبيا وتاريخ صدوره و مضمون القرار، على أن يوقع قاضي التحقيق على هذا القرار، هذا وتقوم كتابة الضبط بتبليغ هذا القرار للأطراف بواسطة إعلام بصدور أمر قضائي مرفوقا بشهادة التسليم على أن تقوم بتبليغ المتهم داخل السجن إذا كان معتقلا.
و في حالة ما إذا أصدر قاضي التحقيق قرارا مخالفا لملتمس النيابة العامة فإن كتابة الضبط تعمل على إخبار النيابة العامة حتى يتسنى لها الطعن بالاستئناف.
إن هاته الأهمية التي يحتلها جهاز كتابة الضبط تلقي على عاتق كاتب الضبط مسؤولية كبيرة إذ أن أي إغفال أو إهمال أو خرق مسطري من شأنه أن يمس حقوق الدفاع وخاصة حق المتهم و قد يؤدي إلى بطلان الإجراءات.
ثانيا : فتح الملفات أمام الغرفة الجنحية " ابتدائيا– استئنافيا "و الإجراءات المواكبة لها
بعد إحالة القضايا من طرف النيابة العامة على الكتابة الخاصة لرئيس المحكمة أو ديوان السيد الرئيس الأول، تحال على السيد رئيس المحكمة أمام المحكمة الابتدائية أو السيد الرئيس الأول أمام محكمة الاستئناف، لتعيين القاضي المقرر إذا كنا أمام قضاء جماعي أو قاضيا مكلفا بالقضية إذا كنا أمام قضاء فردي.
هذا و بعد تعيين القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية يحال الملف على القسم الجنحي لتضمينه في السجل العام للقضايا الجنحية، حيث يضم هذا السجل المعلومات المتعلقة بالملف من رقم ترتيبي بكتابة الضبط و كذا رقمه في النيابة العامة وهوية المتهم والتهمة المنسوبة إليه وكذا رقم المحضر وحالة المتهم هل معتقل أو في حالة سراح أو فرار، و رقم الاعتقال إذا كان معتقلا، و الملاحظ خلال الآونة الأخيرة هو أنه و في إطار التنسيق والتكامل بين كتابة النيابة العامة و مصلحة كتابة الضبط، فإن نفس الرقم الترتيبي الذي يحمله الملف لدى النيابة العامة تعتمده كتابة ضبط الرئاسة.
لكن من هي الجهة التي تعمل على توجيه استدعاءات أول جلسة ؟
حيث إن النيابة العامة هي التي تعين تاريخ أول جلسة فإن كتابة النيابة العامة هي التي تتولى أمر توجيه الاستدعاء الأول الموجه إلى الأطراف، على أن تباشر كتابة الضبط الإجراءات اللاحقة بناء على الأوامر والقرارات الصادرة عن المحكمة.
ثالثا : فتح الملفات أمام الغرفة الجنائية « ابتدائي-استئنافي » والإجراءات المواكبة لها
هي نفس الإجراءات التي تحدثنا عليها في الفقرة السابقة، كل ما هنالك هو أن القضايا الجنائية تبث فيها محكمة الاستئناف ابتدائيا واستئنافيا بينما القضايا الجنحية تبث فيها المحكمة الابتدائية ابتدائيا ومحكمة الاستئناف استئنافيا.
المطلب الثالث : الإجراءات المسطرية المتعلقة بالجلسة
أولا : الإجراءات المتخذة قبل الجلسة
تعمل كتابة الضبط قبل تاريخ الجلسة على تضمين القضايا في سجل الجلسة، ويتم تضمين هذه القضايا حسب أقدمية الملف ابتداء من قضايا المداولة ثم بعد ذلك قضايا المناقشة، هذا ويتم إعداد جدول الجلسات الذي يتم تعليقه على باب قاعة الجلسات ويسهل معرفة القضايا الرائجة في الجلسة، إضافة إلى جدول جلسات أشهر السنة القضائية الذي يوضع رهن إشارة رئيس الجلسة الذي يعتمده لتعيين تاريخ التأخيرات والمداولات.
ثانيا : الإجراءات المسطرية أثناء انعقاد الجلسة
يحضر كاتب الجلسة إلى جانب هيأة الحكم وممثل النيابة العامة، وبهذا يمثل كاتب الضبط قانونا هيئة ثالثة مستقلة بجلسة المحاكمة.
إن محضر الجلسة المعد من طرف كاتب الضبط، يصلح لتكوين الحجة الكتابية داخل الجلسة ويستعمل كوسيلة لترشيد الأحكام شريطة أن يكون صحيحا في الشكل وان يضمن فيه واضعه وهو يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شان الأمور الراجعة إلى اختصاصه، كما استوجب القانون ضرورة توقيع المحضر من طرف القاضي رئيس الجلسة أو قاضي التحقيق وكاتب الضبط.
ثالثا : الإجراءات المتخذة بعد الجلسة
إن كاتب الضبط بعد انتهائه من الجلسة يعمل على تضمين نتائج الملفات من تأخيرات ومداولات وأحكام فاصلة في الموضوع وأحكام تمهيدية وترقيمها ووصفها حضورية أو غيابية أو بمثابة حضورية بسجل الجلسة، هذا ويوقع كاتب الجلسة وكذا رئيسها على سجل الجلسة، ثم بعد ذلك ينطلق كاتب الضبط إلى تنفيذ الإجراءات المضمنة بمحضر الجلسة كإعادة استدعاء الأطراف أو محاميهم وكذلك الشهود إن اقتضى الأمر ذلك وكذا الخبراء والتراجمة.
المبحث الرابع : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ظوء ق م ج بعد صدور الحكم أو القرار.
المطلب الأول : تبليغ الأحكام و القرارات
أولا : المبدأ - خضوع جميع الأحكام و القرارات للتبليغ
حسب ق م ج فإن جميع الأحكام و القرارات الصادرة في المادة الجنحية الجنائية غيابيا أو اعتباريا يستوجب تبليغها إلى المحكوم عليه و لا يمكن سلوك مسطرة التنفيذ بشأنها إلا بعد استيفاء مسطرة التبليغ طبقا للمادة 521 من ق م ج
ثانيا : الاستثناء من خضوع الأحكام و القرارات للتبليغ
إذا كان المبدأ هو أن جميع الأحكام و القرارات الصادرة في المادة الجنحية أو الجنائية تخضع لمسطرة التبليغ فإنه تستثني من هذه المبدأ الأحكام الحضورية التي يمكن سلوك مسطرة التنفيذ بشأنها بمجرد انتهاء أجل الطعن الذي يبتدئ من تاريخ الحكم أو القرار الذي يعتبر بمثابة تاريخ التبليغ.
المطلب الثاني : تلقي الطعون و توجيهها للمحكمة المختصة
أولا : الإجراءات المتخذة عند الطعن بالتعرض
في حالة صدور القرار أو الحكم غيابيا يكون لكل من صدر الحكم في حقه غيابيا الحق في الطعن بالتعرض في أجل عشرة أيام و هي آجال كاملة تبتدئ منذ تاريخ توصله بتبليغ الحكم أو القرار حسب ما جاءت به المسطرة الجنائية.
هذا و يتم التصريح بالتعرض في سجل معد لذلك ، حيث يحرر به صك التعرض الذي يأخذ رقما ترتيبيا وكذا تاريخ التصريح بالتعرض ورقم الملف ونوعه وتاريخ الحكم ورقم القرار و كذا اسم كاتب الضبط المحرر لهذا الصك مع تسجيل التصريح بالتعرض المتضمن لتاريخ التبليغ و اسم المتعرض و توقيعه أو بصمته.
ثانيا : الإجراءات المتخذة عند الطعن بالنقض
عند صدور القرار أو الحكم النهائي حضوريا يكون لكل طرف في الدعوى الحق في النقض داخل أجل عشرة أيام من تاريخ صدور القرار هذا و يحرر التصريح بالنقض ويدون بهذا الصك رقم الملف و تاريخ التصريح بالنقض و تاريخ صدور القرار، هذا و إذا كان المصرح معتقلا فإن التصريح بالنقض يتم لدى كتابة ضبط السجن الذي تعمل على توجيهه للمحكمة مصدرة القرار ليضمن بسجل التصريح بالنقض.
هذا و يجب توقيع التصريح بالنقض من طرف المصرح و كاتب الضبط.
ثالثا : الإجراءات المتخذة عند الطعن بالاستئناف
الاستئناف طريق من طرق الطعن العادية يقدم أمام المحكمة مصدرة الحكم أو القرار داخل الأجل المحدد قانونا ،و هو طعن يمارس في مواجهة الأحكام الجنحية الابتدائية أو القرارات الجنائية الابتدائية طبقا للفصل 157 من ق م ج من طرف المتهم أو النيابة العامة أو المسؤول عن الحقوق المدنية.
أما بخصوص المسطرة المتبعة فما قيل عن التعرض والنقض يقال عن الطعن بالاستئناف.
المطلب الثالث : تسليم النسخ العادية و التنفيذية
لتسليم النسخ التنفيذية يجب أن يكون الحكم نهائيا و النسخة التنفيذية يجب أن تكون مختومة و موقعة من طرف كاتب ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار وحاملة العبارة التالية " سلمت طبقا للأصل و لأجل التنفيذ " عملا بالفصل428 ق.م.م وتاريخ التبليغ، وكذا الصيغة التنفيذية.
هذا و يجب إثبات تسليم النسخة التنفيذية في سجل معد لتسليم النسخ التنفيذية و كذا توقيع المتسلم لهاته النسخة في السجل و في غلاف الملف حتى لا يتم سحبها مرة ثانية لأن التنفيذ يكون مرة واحدة فقط، و إذا ما ضاعت النسخة التنفيذية فإن الطالب يتعين عليه أن يتقدم بطلب للسيد رئيس المحكمة الابتدائية للحصول على أمر قضائي يرمي إلى تمكينه من نسخة تنفيذية أخرى.
هذا و لا يمكن طلب سحب النسخة التنفيذية إلا للشخص المستفيد من الحكم عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 428 ق.م.ج التي تنص على أنه " لكل محكوم له يرغب في تنفيذ الحكم حق الحصول على نسخة تنفيذية منه".
أما بخصوص النسخة العادية فتسلم لكل طرف في الدعوى بناء على طلب يتم إيداعه بمكتب الضبط، و يتقدم به الطالب في اسم السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط، و يؤدي عنه تنبر من فئة 5 دراهم لكل صفحة من القرار، و يتم ختم هذه النسخة من طرف كاتب الضبط و تتم الإشارة على أنها نسخة عادية.
المطلب الرابع : التنفيذ الزجري للأحكام أو القرارات الزجري
أولا : فتح ملفات التنفيذ الزجري
يفتح ملف التنفيذ الزجري بناء على مختصر وكذا نظير البطاقة رقم 1 في سجل المختصرات ويتضمن البيانات التالية :
ü رقم المختصر وتاريخه ؛
ü رقم بيان التحملات وتاريخه ؛
ü رقم القضية ونوعها ؛
ü رقم الحكم أو القرار وتاريخه ؛
ü الاسم الكامل للمحكوم عليه وعنوانه ؛
ü المبلغ المحكوم به ؛
ü الصوائر المحكوم بها.
هذا ويسلم ملف التنفيذ إلى مأمور إجراءات التنفيذ إذا كان المنفذ عليه يقطن داخل المدار الحضاري قصد تبليغه مع الاحتفاظ بالمقتطع من شهادة التسليم داخل ملف التنفيذ، أما إذا كان خارج المدار الحضاري أو الدائرة القضائية فإنه يتم توجيهه في إطار إنابة قضائية.
ثانيا : الإنابة القضائية
يمسك سجل الإنابات القضائية من طرف مكتب التنفيذ الزجري، ويتضمن هذا السجل الرقم الترتيبي للملف وتاريخ تسجيله ثم رقم المختصر وهو نفس الرقم الذي يضم في السجل العام للتنفيذ الزجري وتاريخه ثم رقم القضية وكذا الاسم الكامل للمحكوم عليه وعنوانه وبيان التحملات والمبلغ المحكوم به وكذا اسم المرسل إليه ورقم المضمون وتاريخ توجيه الإنابة وتاريخ إرجاع الإنابة.
ثالثا : ملفات الإكراه البدني
بعد انتهاء شهر من تبليغ المنفذ عليه للاستدعاء بمثابة إنذار قانوني ينتقل مأمور الإجراءات إلى عنوان المنفذ عليه قصد حثه على الأداء مرة أخرى وعند عدم استجابته يحرر محضر الحجز إن كان له ما يحجز أو محضر بعدم ما يحجز إن لم يوجد ما يحجز لـه، وفي هاته الحالة الأخيرة يفتح ملف الإكراه البدني في سجل الإكراهات البدنية حيث يأخذ هذا الملف رقم ترتيبي من هذا السجل ويضمن به تاريخ التسجيل، ورقم المختصر ورقم القرار وتاريخ صدوره والمبلغ المحكوم به واسم المنفذ عيه وتاريخ إنذاره.
ومن تم فبمجرد فتح ملف الإكراه البدني يحرر مطبوع الإكراه البدني الذي يوجه إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية مرفقا بما يلي :
ü ما يفيد توجيه وتبليغ إنذار بالأداء إلى الشخص المنفذ عليه ؛
ü تقديم طلب كتابي من طالب الإكراه البدني يرمي إلى الإيداع في السجن ؛
ü الإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المدين من خلال تحرير محضر بعدم وجود ما يحجز.
هذا وبعد توجيه طلب الإكراه البدني مرفقا بالوثائق المشار إليها في الفصل 640 من ق م ج إلى السيد وكيل الملك على أن لا يأمر هذا الأخير أعوان القوة العمومية بإلقاء القبض على المكره إلى حين صدور قرار بالموافقة على ذلك من طرف السيد قاضي تطبيق العقوبات

الخميس، أبريل 22، 2010

التعليـــق على الحكـــــم الصادر عن المحكمة الإدارية بالربـاط (ج2)

التعليـــق على الحكـــــم
الصادر عن المحكمة الإدارية بالربـاط (ج1)
                                       محمـــد المقدم
                                      محامى بهيئة تطوان
  
القاعدة
1) ثبوت واقعة التزوير الذي قام به احد الموظفين المكلفين بالترقيم السري لأوراق الاختبارات فنتج عنه رسوب تلميذة في امتحانات الباكلوريا يجعل من قرار الرسوب مرتكزا على وقائع غير صحيحة ...إلغاؤه .....نعم .
2) تستحق التلميذة تعويضا عن الأضرار التي لحقتها جراء رسوبها في الباكلوريا نتيجة الأخطاء المرفقية .....نعم
  ان  القضاء الإداري المغربي ما فتئ منذ إحداث المحاكم الإدارية بالقانون رقم 41 لسنة 90 (1)، و الذي شرع في العمل الفعلي بتاريخ 4 مارس 1994، أن يقوم بالدور المنوط به مستلهما أحكام القانون و مستنبطا الأحكام من خلال الاجتهاد حتى أصبح القانون الإداري هو قانون قضائي بامتياز، فالقاضي الإداري كلما عرضت عليه قضية من القضايا على كثرتها لا يتوانى  في وضع حكم أو قاعدة تكون أساسا تشريعيا بامتياز سواء تعلق الأمر بقضاء الإلغاء أو القضاء الشامل قضاء التعويض .
   و ما الحكم رقم 1003 الصادر في الملف 560/03 ش ت بتاريخ 2004.10.12 (2) إلا نموذجا يؤكد على الدور الرائد الذي يقوم به القضاء الإداري في خلق قاعدة قانونية كلما غاب عن المشرع سنها في القانون الإداري، فالحكم السالف الذكر و الذي تعود و وقائعه إلى تاريخ 28 ماي 2003 حيث تقدمت المدعية ( إلهام بخوصي) بواسطة دفاعها بمقال لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط تعرض فيه أنها تقدمت  كمرشحة حرة لاجتياز امتحان الباكلوريا شعبة العلوم التجريبية المزدوجة تحت رقم 83548 دورة يونيو 2002 بأكاديمية الشاوية و رديغة ثانوية القدس إقليم سطات .بعد الإعلان عن نتائج الامتحان فوجئت الطالبة بحصولها على علامة صفر في مادة الفيزياء و الكيمياء رغم أنها كانت مطمئنة على أجوبتها التي دونتها في ورقة الامتحان الخاصة بهذه المادة .
 إثر ذلك تقدم والد الطالبة المدعية لدى الأكاديمية مطالبا إعادة تصحيح ورقة ابنته في مادة الفيزياء، فأشعر الأب بأن النقطة التي حصلت عليها هي  المستحقة  فعلا نظرا لكونها سلمت الورقة فارغة , والحال ان الطالبة أجابت في هاته المادة وكانت مطمئنة على إجابتها بعد مرور مدة من الزمن توصل والد الطالبة برسالة مجهولة تفيد أن ورقة امتحان ابنته تعرضت لعملية تزوير، على إثر ذلك تقدم أب الطالبة بشكاية للسيد وزير التربية الوطنية لفتح تحقيق في الموضوع، إلا أن مدير الأكاديمية لم يعر الأمر أهمية مما اضطر الأب إلى سلوك مسطرة تقديم بشكاية في الموضوع للنيابة العامة لدى ابتدائية سطات، و خلال إجراء بحث تمهيدي ثبت مما لا يدع مجالا للشك ، وقوع عملية التزوير، فتم إحالة المتهم على المحكمة التي أدانته  بسنة ونصف حبسا نافذا بتاريخ 03.04.08 من أجل جريمة التزوير و استعماله و بتعويض لفائدة الطالبة في مبلغ قدره 10.000 درهم و هو الحكم الذي تم تأييده من طرف محكمة الاستئناف بسطات بتاريخ 2003.05.12 .
   على إثر ذلك تقدمت الطالبة بتاريخ 2003.05.28 بدعوى أمام المحكمة الإدارية بالرباط تلتمس فيها إلغاء نتيجة امتحان الباكلوريا بدورة يونيو 2002 القاضية برسوبها و إعلان نجاحها مع الحكم لها بتعويض عن الأضرار التي لحقتها جراء ذلك محددة تعويضها في مبلغ 50.000 درهم .
   فدفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الدعوى لعدم إمكانية الجمع بين دعوى الإلغاء و دعوى التعويض في عريضة واحدة و أمام نفس القضاء، و لتقديم طلب الإلغاء خارج الأجل القانوني، و الحكم بعدم الاختصاص النوعي لكون الضرر جاء ناتجا عن خطأ شخصي للموظف و أن الإدارة غير مسؤولة عن الأخطاء الشخصية لموظفيها .
  و بعد أن أصبحت القضية جاهزة للحكم صدر أمر بالتخلي بلغ لجميع الأطراف لجلسة 2004.06.16، و ذلك لجلسة 2004.09.21 تقرر حجز القضية للمداولة و النطق بالحكم .
    حيث صدر الحكم الذي أثار الكثير من الجدل ما بين مؤيد له و معارض, فكان الأستاذ محمد محجوبي أهم من أيد قرار الجمع بين الدعوتين في دعوة واحدة و ذلك في العرض الذي ألقاه في ندوة القضاء الإداري العربي بتاريخ 2005.07.11 .(3) , مخالفا بذلك رأي الأستاذ أحمد الصايغ الذي عاب على الحكم جمعه بين الدعوتين في حكم واحد ( 4) .
فأهمية هذا الحكم الذي اعتبره البعض الأول من نوعه علما أنه قد سبق للمحكمة الإدارية بوجدة أن قررت هذا الجمع في حكمها 42.98 في الملف 11/97 بتاريخ 1998.12.09 (5)  تكمن في جمعه بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل (دعوى التعويض) في حكم واحد , وهو الجمع الذي لم يكن ممكنا سابقا, أي قبل صدور القانون المحدث للمحاكم الإدارية . و قبل مناقشة قضية الجمع  وهو ما سنحاول بحثه في مبحث ثاني , سنتطرق أولا لدراسة الحكم من الناحية الشكلية خاصة الدفوع التي أثيرت حول الاختصاص المكاني والاختصاص النوعي وكذا آجال رفع الدعوى  في مبحث أول .
 مبحث أول :التعليق على شكليات الحكم
        
لقد أجاب  الحكم على مجموعة من الدفوع و نظرا لأهميتها لابد من الوقوف عندها  وتسليط الضوء عليها .
1/ مــن حيــث الاختصاص المحلي
         إن الاختصاص المحلي منعقد للمحكمة الإدارية بالرباط طالما أن الدعوى وجهت ضد السيد الوزير الأول بمكاتبه بالرباط و هو المسؤول الأول عن عمل الحكومة و متمتع بالشخصية المعنوية و السيد وزير التربية الوطنية بمكاتبه بالرباط، .
 فالاختصاص المكاني ليس من النظام العام و إنما يثيره صاحب المصلحة (6) و هذا الشيء لم يتم، على خلاف الاختصاص النوعي الذي يمكن أن تثيره المحكمة من تلقاء نفسها  فإن رافع الدعوى له الحق في إقامة الدعوى في مكان النزاع أوفي سكنى المدعى عليه وهو ما نص عليه قانون المسطرة المدنية في الفصل 27 منه (7), وأحالت عليه المادة 10 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية (8) و هو الشيء الذي قامت به الطالبة إذ قررت مقاضاة أطراف الدعوى في محل إقامتهم فكانت الدعوى موجهة من السيد الوزير الأول و السيد وزير التربية الوطنية و العون القضائي للمملكة بمكاتبهم بالرباط مما تكون المحكمة المختصة ترابيا محليا هي المحكمة الإدارية بالرباط .
2/ من حيث الاختصاص النوعي.
         مما لا شك فيه ان قواعد الاختصاص النوعي تكتسي أهمية بالغة في القانون المغربي الشيء الذي يفسر كونها من النظام العام (9) وهو النهج الذي سلكه القاضي الإداري , في هذه النازلة  إذ اعتبر انه من خلال وثائق الملف يتضح أن المسؤول عن الخطأ هو الموظف التابع لوزارة التربية الوطنية  و التعليم، و إن كان خطأ شخصيا فإن الإدارة مسؤولة عن الأخطاء الشخصية لموظفيها طبقا للمواد79-80 من قانون الالتزامات و العقود المغربي (10)، و المحكمة قد أحسنت صنعا في حكمها الذي قضى بتحميل الإدارة مسؤولية العون التابع لها فجاء تعليلها واضحا ، إذ صرحت أن ( عملية التزوير تمت بمناسبة ممارسة الموظف لمهمة الترقيم السري التي كلف بها، و استعمال وسائل الإدارة .... إضافة إلى تقصيرها في مواكبة عمله و مراقبته لوضع حد لأي تلاعب في الوقت المناسب، هذا فضلا عن تقصيرها في البحث في مدى جدية الشكاية التي تقدم بها والد التلميذة ) .وهذا الاختصاص مسند للمحكمة الإدارية بمقتضى المادة 8 من قانون المحاكم الإدارية (11) , والمادة 12 من نفس القانون التي اعتبرت الاختصاص النوعي من قبيل النظام العام ويجب إثارته قبل المحكمة ولو لم يثره الأطراف , ويجب الفصل فيه بحكم مستقل يكون محل طعن أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (12)
3/ مــن حيــث الأجــل
إن الطلب جاء داخل الأجل القانوني المنصوص عليه في المادة 10 من قانون 41.90 (13) فالقرار المطعون فيه و إن كان قد صدر في دورة يونيو 2002 و أن الطعن لم يقدم إلا بتاريخ 2003.05.28، فإن شرط رفع الدعوى هو العلم اليقيني  بالقرار، أي العلم  بكل حيثيات القرار،  أن يكون هذا العلم شاملا لمحل القرار و مصدره و أسبابه.
 إن  الطاعنة لم تعلم بحيثية القرار القاضي برسوبها في امتحان الباكلوريا إلا بعد  صدور القرار الاستئنافي بتاريخ 2003.05.12 القاضي بتأييد الحكم المستأنف الصادر عن ابتدائية سطات  و القاضي بإدانة الموظف المذكور بتهمة التزوير، آنذاك أقرت الجهة المدعى عليها بالخطأ الذي ارتكبه الموظف التابع لها، و بالتالي و كما جاء في تعليل الحكم الإداري فإن ( الموقف النهائي للطاعنة من القرار لم يتضح إلا مع صدور ذاك الحكم – مما يبقى معه طلب الإلغاء المقدم بتاريخ 2003.05.28 قد جاء داخل الأجل القانوني و يتعين لذلك رد الدفع المثار بهذا الخصوص أيضا.
مما كان معه الحكم قد صدر طبقا للقانون ووفقا له .
         هذا من ناحية الشكل و قد كان الحكم في محله و قد أجاب عن جميع الدفوع المتعلقة بالشكل من انعقاد الاختصاص المحلي للمحكمة الإدارية بالرباط دون غيرها، كما أكد انعقاد الاختصاص النوعي، للقاضي الإداري لأن الخطأ يرجع إلى الموظف التابع لوزارة التربية الوطنية و بالتالي فهو خطأ مرفقي، أيضا شمل الحكم تفسير نقطة أساسية من حيث الأجل إذ أنه لا يكفي صدور القرار الإداري حتى يمكن احتساب الأجل , و إنما ينبغي احتساب الأجل من اليوم الذي أصبح فيه  القرار معلوما لدى الجهة الطاعنة علما يقينيا شاملا لمضمون القرار و مصدره و أسبابه .
         إذا فمــاذا عن الجمـــع بين دعوى الإلغاء و ودعوى التعويض في حكم واحد ؟

التعليـــق على الحكـــــم الصادر عن المحكمة الإدارية بالربـاط (ج2)


                                       محمـــد المقدم
                                       محامى بهيئة تطوان

مبحث ثاني : الجمع بين دعوى الإلغاء ودعوى التعويض
هنا تكمن أهمية القرار - الحكم - إذ قد اعتبره البعض أول حكم يجمع بين دعوى الإلغاء و دعوى التعويض .
  هل يسمح القانون بهذا الجمع ؟ أم أن القانون به ما يفيد المنع ؟
 للإجابة على هذه الأسئلة يجب استقراء النصوص القانونية التي لها علاقة بالموضوع.
    لقد مر القضاء في مغرب الاستقلال عبر مراحل عدة .(14) لكن أهم ما ميز أو طبع القضاء المغربي هو وجود مرحلتين هامتين مرحلة تميزت بازدواجية القانون و وحدة القضاء و مرحلة ازدواجية القانون و القضاء مع صدور قانون المحاكم الإدارية , حيث اعتبر هذ1ا الحدث نقطة تحول جوهرية بالنسبة للنظام القضائي الذي وضعه سنة 1913 وذلك بالنظر الى انه أسس لثنائية القضاء على مستوى قاعدة الصرح القضائي (15). وهو نفس ما عرفه القضاء المصري حيث كانت تختص المحاكم القضائية بالنظر في أعمال المسؤولية الناتجة عن أعمال الإدارة المعيبة إذا ألحقت ضررا بحق مكتسب (16), ولم تبدأ مرحلة القضاء المزدوج الا مع سنة 1947 حيث تم إنشاء محاكم تختص بالنظر في المنازعات الإدارية (17)
     1/ - المرحلة الأولى كانت تعرف ازدواجية القانون و وحدة القضاء، وقد امتدت هذه المرحلة من فترة ما قبل الاستقلال الى تاريخ إحداث المحاكم الإدارية , اذ بعد استقلال المغرب وجد قضاءه في وضعية صعبة ما بين قضاء عصري وقضاء تقليدي ان صح التعبير , فحاول إدخال تغييرات على النظام القضائي الذي خلفه المستعمر , فتم الحفاظ على النظام المحدث سنة 1913 , بالقدر الذي لا يكون فيه مساس ولا مناف للسيادة الوطنية , ليتم في شتنبر 1957 إحداث المجلس الأعلى(18)  كمحكمة عليا يطعن أمامها بالنقض في القرارات النهائية الصادرة عن محاكم الاستئناف , كما اسند له النظر في طلبات إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية، فكان المجلس الأعلى صاحب الاختصاص كلما تعلق الأمر بإلغاء قرار بسبب النقط في استعمال السلطة بينما كانت المحاكم الابتدائية هي صاحبة الاختصاص كلما تعلق الأمر بدعوى التعويض عن الأضرار التي يمكن أن يحدثها موظفو المرفق العمومي أو أشخاص المرفق العمومي
  تم بعد ذلك حدث تحول كبير في النظام القضائي المغربي إذ صدرت مجموعة من الظهائر سنة 1974 (19) كان الهدف منها تقريب القضاء من المتقاضين، بالمحاكم، تبسيط المسطرة إلا أن هذا الغير لم يمس في جوهر الأشياء فالمجلس الأعلى أبقى على اختصاصه في الطعون الإدارية، بينما يقين المحاكم الإدارية مختصة في المواد المدنية.... و الإدارية .
    ففي هاته الفترة لم يكن بالإمكان الجمع بين دعوى الإلغاء و دعوى التعويض لسبب بسيط هو أن المجلس كان وحده مختصا في دعاوى الإلغاء بينما كانت المحاكم الابتدائية صاحبة الاختصاص كلما تعلق الأمر بدعاوى التعويض .
   لكن الأمر اختلف بعد إحداث المحاكم الإدارية .
2/ مرحلة إحداث المحاكم الإدارية
    لقد أضفى الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 8 ماي 1990 الصيغة الرسمية على مشروع إحداث المحاكم الإدارية، فانتقل المغرب من ازدواجية القانون و وحدة القضاء إلى ازدواجية القضاء، فأصبحت المحاكم الإدارية، هي صاحبة الاختصاص بقوة القانون بالقضايا الإدارية. بالبث ابتدائيا مع مراعاة حق الاستئناف أمام المجلس الأعلى على وجه الخصوص في دعاوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة في مواجهة قرارات السلطات الإدارية، و في النزاعات المرتبطة بالعقود الإدارية و الدعاوى الرامية إلى المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها التصرفات و الأعمال ذات الصبغة الإدارية الصادرة عن الأشخاص العموميين .
وأمام هذا الوضع الجديد الذي أصبحت عليه المحاكم الإدارية فليس هناك ما يمنع القاضي الإداري من الجمع بين دعوى الإلغاء ودعوى التعويض دعوى القضاء الشامل , في حكم واحد كلما كانت دعوى التعويض نتيجة الضرر الذي أحدثه القرار الباطل , هذا ما أكده الحكم 98.42 الصادر عن المحكمة الإدارية الابتدائية بوجدة في الملف عدد11/97 مشيرا الى تعليله لعملية الجمع بين دعوى الإلغاء ودعوى التعويض في عريضة واحدة متى كان لهاما ارتباط ومتى تعلقا بنفس الأطراف والأسباب, مؤكدا ان هذا ما درج  عليه القضاء الإداري المغربي .(20)
 أو ليس من المنطقي انه كلما وجد قرار احدث ضررا وتم إلغاؤه يستوجب التعويض , فلماذا نتشبث بضرورة انتظار صدور حكم بإلغاء القرار يحوز قوة الشيء المقضي به , ثم بعد ذلك نتقدم من جديد أمام نفس المحكمة للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه ذاك القرار , أو ليس من باب أولى ربحا للوقت وخدمة للقانون وتحقيق  العدالة أن نجمع في طلب واحد دعوى الإلغاء ودعوى التعويض ان كان الضرر نتيجة القرار المطلوب إلغاؤه شريطة احترام مسطرة الطلبين معا شكلا ومضمونا .
كما انه بالرجوع إلى نصوص القانون فلا يوجد أي نص يمنع هذا الجمع , وقد يقول قائل انه بالمقابل لا يوجد نص يسمح بهذا الجمع , نعم لا يوجد نص يسمح ولا يوجد نص يمنع , وأمام سكوت النص تبقى الإباحة هي الأصل , لان الأصل في الأشياء الإباحة وما وجد القانون إلا ليضع شروطا على المباح ويقننه  
ان هذا الحكم يعتبر لبنة في الصرح الذي شيده المحاكم الإدارية منذ نشأتها , رغم حداثتها مقارنة مع غيرها , فالمحاكم الإدارية راكمت في تجربتها الفتية ما لم تستطعه المحاكم العادية رغم قدمها زمنيا وأحسن ما يمكن ان نختم به هذا التعليق ما جاء به المستشار محمد محجوبي في تعليقه على هذا الحكم (....وأما من يقول بان المحكمة الإدارية اكتفت بالقول بإمكانية الجمع بين طلبي الإلغاء والتعويض في حكم واحد , مكتفية بالقول بانه لا يوجد ما يمنع الجمع , دون ان تبرر الأساس الذي يبرر هذا الجمع , فنرد عليه بان يقدم الأساس الذي يمنع ذلك الجمع , خاصة وان المحكمة الإدارية بالرباط عللت حكمها بموجب قاعدة أصولية تجد سندها في عمق تاريخ الفقه الإسلامي وأصوله , وخاصة في المذهب المالي ....ألا وهي ’ المصلحة المرسلة ’أو الاستصلاح ...) (21)
الهوامــــــش
1) ظهير شريف رقم 225 01.91.صادر في 22 ربيع الأول 1414 ( 10 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم ظهير شريف رقم 225 01.91.صادر في 22 ربيع الأول 1414 ( 10 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 3 نونبر 1993 الصفحة 2168
2) حكم رقم 1003 الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط و هو موضوع التعليق
3)جلة المعيار عدد34 تصدر عن هيئة المحامين بفاس وهي عبارة عن  مداخلة ألقيت في الندوة التي نظمتها المنظمة العربية للعلوم الإدارية والتنمية بالتعاون مع وزارة العدل المغربية بالمعهد العالي للقضاء أيام 11-14 يوليوز 2005.
4) المستشار أحمد الصايغ – محاضرة بتاريخ 28/05/05 مجلة المعيار عدد34
5)حكم عدد 42/98 صادر عن المحكمة الإدارية الابتدائية بوجدة في الملف 11/97 بتاريخ 09/12/98 غير منشور .
6) الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية ( يجب على الأطراف الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المكاني قبل كل دفع أو دفاع ) .
7) ينص الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية ( يكون الاختصاص محلي بمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه )و
8) تنص المادة 10 من قانون 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية ( تطبق أمام المحاكم الإدارية قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27 و ما يليه إلى الفصل 30 من قانون المسطرة المدنية  ).
 9) ينص الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية الفقرة الخامسة ( يمكن الحكم بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا من لدن محكمة الدرجة الأولى ,
10) تنص المادة 79 من قانون الالتزامات و العقود (الدولة و البلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها و عن الأخطاء المصلحية لمستخدميها ) .
11) تنص المادة 8 من قانون 90.41 ( تختص المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و 11 من هذا القانون، بالبيت ابتدائيا في طلبات إلقاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز سلطة و في النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية و دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص ( القانون العام ....).
12) الأستاذ محمد القدوري – مقال بعض الإشكاليات الناجمة عن إحداث المحاكم المختصة . مجلة رسالة المحاماة عدد مزدوج 23-24 ص 62
13) تنص المادة العاشرة على ما يلي  : (يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل أجل سنتين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر ) .
14) مشال روسي – كتاب المنازعات الإدارية بالمغرب
15) مشال روسي – كتاب المنازعات الإدارية بالمغرب
16) محمد سليمان الطماوي كتابه القضاء الإداري ص 86
17) المستشار معوض عبدا لتواب – كتابه المجموعة النموذجية في القضاء الإداري المجلد الثاني مكتبة عالم الفكر والقانون للنشر والتوزيع
18) الفصل الأول من ظهير 27 شتنبر 1957 الذي نص _ يحدث مجلس أعلى يعهد اليه بالبث في القضايا الآتية ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك
1- طلبات النقض ضد الأحكام الاستنافية والأحكام الانتهائية التي تصدرها محاكم الاستئناف وغيرها من المحاكم على اختلاف درجاتها .
2- طلبات إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية بدعوى الشطط في استعمال السلطة ...) ميشال روسي المرجع السابق
19) ظهير شريف بمثابة قانون بإحداث المحاكم الجماعية ومحاكم المقاطعات وتحديد اختصاصها المؤرخ في 15يوليوز 1974
ظهير شريف بمثابة قانون بشأن التنظيم القضائي المؤرخ في 15 يوليوز 1975
ظهير شريف بمثابة قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر 1974 .
20) أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط بالمحكمة الإدارية بوجدة ( باسم جلالة الملك – قبول دعوى الإلغاء ودعوى التعويض في عريضة واحدة متى كانتا مرتبطتين – نعم ....) وقد كانت المحكمة مشكلة من الأستاذ م.ن رئيسا ومقررا والأستاذ م.ع عضوا والأستاذ ع.تعضوا , بحضور الأستاذ ع.ص , وبمساعدة كاتب الضبط م.رد .
21) مجلة المعيار التي تصدرها هيئة المحامين بفاس عدد34

ج1-جريمة إهمــــال الأســرة في التشريع المغــربي

جريمة إهمــــال الأســرة في التشريع المغــربي
 
إعداد: زهير الحرش    
باحث في الميدان القانوني
 
 
    تتناثر مفاهيم "العدالة" و "الديموقراطية" و "الحداثة".. و غيرهم من المفاهيم المشابهة في فضاء المنتديات مهما اختلفت مواضيعها ومحاورها، وكأننا في "موضة كلامية" يعمد الجميع إلى توظيفها في فرص التعابير. إلا أن هذا الإصرار على تداولها يبقى مسألة صحية من حيث المبدأ، على أساس أن الإصرار على استعمالها ، و لو على مستوى الخطاب، ينم على نوع من الشغف بها.
    و إذا كانت الأسرة هي أولى حلقات المجتمع، فإن الإهتمام بها و بمختلف مكوناتها يجب أن يحضى بالأولوية في خضم أي مشروع تقدمي، حداثي، ديموقراطي خال من العقد الإجتماعية. وكذا لأن ترسيخ الدعائم القانونية لمؤسسة الأسرة من شأنه أن يكرس العدالة الإجتماعية في أولى حلقاتها.
    ووعيا بالأهمية الكبرى لمؤسسة الأسرة و ضرورة الإهتمام بها، كانت معظم التشريعات حريصة على جعلها في صلب اهتماماتها، و من بينها التشريع المغربـي. وسنتناول في هذا البحث موضوع أو إشكالية  "إهـمال الأسرة " ، وذلك لنتائجه الإجتماعية و غير الإجتماعية الوخيمة.
    إن الزواج باعتباره إحدى أقدس الروابط الإجتماعية و القانونية، حضي أزليا بقيمة رفيعة لدى مختلف المجتمعات البشرية. و هذا التقديس لم يكن لأجل الزواج في حد ذاته بالقدر ما كان للاثار التي يسفر عنها. ذلك أن النظام القانوني إجمالا يجعل من العقد أيا كان موضوعه محل تقديس و اهتمام، فكيف بعقد من نوع خاص ألا وهو عقد الزواج؟؟ و إذا كان النظام القانوني قد أنزل الإلتزامات التعقدية منزلة الرفعة والسمو، فكيف بالإلتزامات الناجمة عن عقد الزواج؟؟
    و إيـمانا من المشرع المغربي بضرورة الحفاظ على الروابط الأسرية، في مسايرة مثيرة منه للمنظور الإسلامي ولتقاليدنا التكافلية، فإنه جعل من جريمة إهمال الأسرة قابلة للتحقق سواء بالإخلال بالإلتزامات الأسرية أو بالتنكر لجمـيل الأصـول.
وسنحاول من خلال هذا البحث، مقاربة إشكالية "إهمال الأسـرة"ً، وذلك بالعمل على استجلاء ماهية إهمال الأسرة من جهة (الفصل الأول)، وبتناولها من زاوية المعالجة التشريعية لها من جهة ثانية (الفصل الثاني).
الفصل الأول:
 فـي ماهـيـة إهــمـال الأســـرة
    إن تناول  أي ظاهرة، لابد من مقاربتها لغويا، إجتماعيا و قانونبا. فتناولها من هذه الزوايا الثلاث كفيل بأن يقربنا من ماهيتها أو بالأحرى من مفهومها.
    وإذا كانت الزاوية اللغوية لاتطرح أية إشكاليات على مستوى المعنى، فإن الزاوية الإصطلاحية التي تتطابق مع الزاوية الإجتماعية تعطينا مفهوما هاما لإهمـال الأسرة. فهي تعني اللامبالات التي قد تصل حد الإستخفاف و الإستهزاء بالإلتزامات الأسرية، ذلك أن نظام الزواج كعلاقة مقدسة أحيط بعدة ضمانات أخلاقية و إجتماعية قبل أن تكون قانونية. وإذا كان تقديس هذا الرباط امرا مسلما به، فإن ذات التسليم يجب أن تحضى به الاثار و النتائج الناجمة عن العلاقة الزوجية، و إن أي إخلال بها إنما هو إهمال و استهتار بنظام الأسرة ككل، و لا تمييز بين الزوج و الزوجة في هذا المضمار، فكل راع وكل مسؤول عن رعيته. كما لا يعتد بحجم الإخلال الذي يتحقق بموجبه إهمال الأسرة و التي تعتبر وحدة متكاملة.
    و بالتالي، فإن المفهوم الإجتماعي لإهمال الأسرة مفهوم واسع جدا ولايضع حدا لصورها، بل يعتبر أن أي إخلال بالإلترامات الأسرية هو إهمال للواجب الأسري و أن الآثم قد يكون الأبناء في مواجهة الاباء أو العكس، كما قد يكون الزوج في مواجهة الزوجة و العكس صحيح أيضا.
    و هذا المفهوم الإجتماعي، و إن كان واضحا و بسيطا، إلا أنه غير دقيق بالمرة. كما أنه يحتمل تأويلات و تنظيرات لا حصر لها.
    أما من الزاوية القانونية، التي تعنينا هنا بالدرجة الأولى، فإننا باستقراء النصوص القانونية المنظمة لإهمال الأسرة، نجد أنها تختلف عن المفهوم الإجتماعي لها، و إن تشاركا في التصور العام.
فما المقصود بإهمال الأسرة وفق المنظور القانوني؟
    إن خطورة الإستهزاء بالرابطة الأسرية، دفع بالمشرع إلى تناول هذه الظاهرة في إطار قانون زجري هو القانون الجنائي بدلا من تناولها في مدونة الأسرة مثلا.
    وهكذا اعتبر المشرع المغربي إهمال الأسرة جريمة، و تناولها مجموعة القانون الجنائي في الكتاب الثالث / الباب الثامن المتعلق بالجنايات و الجنح ضد نظام الأسرة و الأخلاق العامة، و خص لها فرعا مستقلا هو الفرع الخامس و الذي تناول هذه الجريمة في أربعة فصول هي الفصول من 479 إلى 482 ق.ج.
    وإنه بقراءتنا لهذة لهذه الفصول ، نلاحظ أن المشرع الجنائي قسم ضمنيا الإهمال الأسري إلى ثلاث أشكال اساسية و هي:
- الإهمال المــادي          - الإهمـال المالــي          - الإهمـال المعــنوي
         يتجلى الإهمال الأول ( المادي ) في:
* ترك الأب أو الأم لبيت الأسرة دون موجب قاهر لمدة تزيد عن شهرين.
* ترك الزوج ، عمدا و دون موجب قاهر لمدة تزيد عن شهرين، زوجته و هي حامل مع علمه بذلك.
    يتجلى الإهمال الثاني ( المالي ) في:
*الإمساك العمدي عن دفع النفقة إلى الزوجة أو أحد الأصول أو الفروع في الموعد المحدد بموجب حكم نهائي أو قابل للتنفيد المؤقت.
    و يتجلى أخيرا الإهمال الثالث (المعنوي) في:
* تسبب أحد الوالدين في إلحاق ضرر معنوي بالغ بأطفاله أو بواحد أو أكثر منهم، كيفما كان شكل هذا الضرر، و إن كان المشرع المغربي قد أخد على عاتقه إعطاء صور لهذا الضرر المعنوي.

ج2-جريمة إهمــــال الأســرة في التشريع المغــربي

جريمة إهمــــال الأســرة في التشريع المغــربي
 
إعداد: زهير الحرش    
باحث في الميدان القانوني 
 
    من هنا نلاحظ أن جريمة إهمال الأسرة تتحقق بتحقق واحد ، على الأقل ، من الإخلالات الواردة على سبيل الحصر في هذا القانون.
و لنا على الحصر جملة من الملاحظات هي كما يلي:
~ يشترط المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 479 ق.ج أن يوجد أطفال حتى يعاقب التارك المتعمد لبيت الزوجية. بدليل استعماله لمصطلحا الأب و الأم بدلا من مصطلحا الزوج و الزوجة. بمعنى أنه في حالة عدم وجود أطفال أو طفل على اللأقل لا تتحقق جريمة إهمال الأسرة.
~ استعمل المشرع في ذات الفقرة من الفصل 479 ق.ج عبارة "بيت الأسرة" و كان أحرى استعمال عبارة "بيت الزوجية" حتى يكون المحل المتروك واضحا.
~ يشترط المشرع أيضا في نفس الفقرة أن تتلازم واقعة الترك هاته حصول تملص من كل او بعض الواجبات المعنوية و المادية لتارك بيت الزوجية.
~ فيما بتعلق بالإمساك عن الإنفاق، يقتصر الفصل 479 ق.ج، لقيام جريمة الإهمال الأسري، على الإمساك العمدي عن الإنفاق على الزوجة أو الفروع أو الأصول في الموعد المحدد بموجب حكم نهائي أو قابل للتنفيد المؤقت. بمعنى أنه في حالة الإمساك عن الإنفاق بموجب إلتزام بالإنفاق لا يشكل إهمالا للأسرة علما أن المادة 197 من مدونة الأسرة تنص على أن أسباب وجوب النفقة هي الزوجية و القرابة والإلتزام.
~ تدخل المشرع المغربي مؤخرا بموجب قانون الأسرة (المادة 202 ق.اسرة) ليجعل التوقف عن اداء النفقة عن الأولاد لمدة أقصاها شهر دون عدر مقبول سببا لتطبيق أحكام إهما الأسرة على الممسك عن أداءها.
~ لم يعد المشرع المغربي يعتبر الزوج وحده المكلف بالنفقة على الأولاد ، بل إن المادة 199 من مدونة   الأسرة توجب النفقة على الأم إذا كانت موسرة و كان الأب معسر. مما يعني إمكانية تطبيق أحكام إهمال الأسرة على الأم إذا متنعت متعمدة عن الإنفاق على أولادها.
~ أورد المشرع الجنائي في الفصل 482 ق.ج صور الضرر المعنوي الذي قد يلحقه أحد الوالدين بأطفاله أو أحدهم، و هذا التحديد التشريعي يطرح عدة تساؤلات حول مدى حصريته. إلا أن استعمال المشرع لبعض المصطلحات الفضفاضة يجعلها تستوعب أي ضرر معنوي للطـفل دون أن نمس بمبدأ التفسير الضيق لنصوص القانون الجنائي و عدم القياس عليها.
    وبعد هذا التحديد لمفهوم إهمال اللأسرة و هذا الجرد للمعنيين بأحكامه،نجد أن ماهية "إهمال الأسرة" وفق المنظور القانوني هو أكثر دقة و شمولية عن غيره.
    ونتطرق في الخطوة الموالية (الفصل الثاني) إلى المعالجة التشريعية لهذه الجريمة.. جريمة إهمال الأسرة.
الفصـل الثاني:
في المعالجة التشريعية لإهمــال الأسـرة
    لما كان إهمال الأسرة يأخذ ، حسب المشرع المغربي، ثلاث أشكال أساسية. و هي الإهمال المادي والمالي و المعنوي. فإننا نرى، و لأسباب بيداغوجية، أن نتناول بالدراسة كل شكل على حدى.
ـ الإهمال المادي: وهو ،كما سبقت الإشارة، يأخد صورتين:
     أولهما يكمن في أن يترك أحد الوادين بيت الزوجية دون عذر قانوني أو موجب قاهر، مع ضرورة وجود أبناء شرعيين على الأقل بالنسبة للاب، أما الام فيمكن متابعتها أيضا حتى لو كان الإبن طبيعيا بالنسبة لها. و هذا الترك يجب أن يزيد عن الشهرين، وواقعة الزمن هاته يمكن إتباثها بكل وسائل الإثبات ، ولا تنقطع إلا بالعودة الفعلية لبيت الزوجية.
    وثانيهما يكمن في أن يترك الزوج زوجته بشكل متعمد في حالة حمل مع علمه بحملها. و الحمل هنا يجب أن يكون منسوبا إلى الزوج، و أن تكون علاقة الزوجية قائمة غير منفصلة بطلاق مثلا، و ليس مجرد علاقة خطبة أو علاقة غير شرعية مثلا. كما يجب أن يستمر هذا الترك أزيد من شهرين و التي يمكن اثباتها أيضا بكل وسائل الإثبات.
    وبتوفر هذين الركنين: الركن المادي (ترك بيت الزوجية)، و الركن المعنوي (القصد الجنائي الذي أشار إليه الفصل 479ق.ج بعبارة "عمدا" و "دون موجب قاهر")، فإن أركان هذه الجريمة تكتمل بوجود المادة 479ق.ج و التي تعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنة و غرامة من 200 إلى 2.000 درهم  سواء تم هذا الإهمال في صورته الأولى أو الثانية.
- الإهمال المالي: يعد الإمساك عن أداء النفقة مربط الفرس في هذا الشكل من الإهمال و خص له المشرع نص الفصل 480ق.ج.
    و النفقة حق للزوجة طالما أن رابطة الزوجية قائمة و طالما لم يصدر في حقها حكم بالرجوع لبيت الزوجية و امتنعت عن الرجوع (المادة 195 ق.أسرة). كما أن النفقة حق للأولاد سواء اتجاه الأب او الأم إذا كانت موسرة و الأب معسرا (م 199 ق.أسرة) و تظل النفقة واجبة على المكلف بها في حق الأولاد إلى حين إعفاءه منها قانونا (م 198ق.أسرة). و أخيرا فإن النفقة على الأصول واجبة على الأبناء بموجب المادة 197 ق.الأسرة، و إن كان المشرع قد استعمل عبارة "الوالدين" بدل "الأصول"، ما يعني إخراج الجد و الجدة ومن علا من خانة المستفيدين من نفقة أحفادهم عليهم. ونتمنى أن يأخد قضاتنا بالمفهوم الواسع للوالدين حتى يشمل الجد و الجدة و إن علا، خاصة و أن الفصل 480 ف.ج استعمل عبارة "الأصول".
    هذا، و يجب لكي تتحقق جريمة إهمال الأسرة أن يصدر في حق المتوقف عن أداء النفقة حكم نهائي أو قابل للتنفيد المؤقت و امتناع المحكوم عليه عمدا مع ذلك عن الأداء. وقد حددت المادة 202 ق.أسرة أجل شهر واحد للمكلف بنفقة الأولاد بأداء النفقة. و هذا الأداء يجب أن يكون كليا غير مجزأ. كما لابد من استحضار نص المادة 365 ق.ل.ع الذي ينص على انه: "لاتقع المقاصة إذا كان أحد الدينين نفقة". و أفرد ق.ج لهذه الجريمة عقوبة جنحية هي الحبس من شهر إلى سنة و غرامة من 200 إلى2.000 درهم. مع ملاحظة أنه غالبا ماتكون هذه العقوبة موقوفة التنفيد و ذلك لتمكين المكلف بالنفقة من توفيرها. إلا أن المشرع نص على أن الحكم بالحبس يكون حتميا في حالة العود.
    ولتحريك مسطرة المتابعة، أوجب المشرع وجود شكوى من الشخص المهمل (الإهمال المادي) أو المستحق للنفقة أونائبه الشرعي (الإهمال المالي)، غير أنها ترفع مباشرة من النيابة العامة عندما يكون النائب الشرعي هو المقترف للجريمة. ويجب أن تسبق المتابعة إعدار المخل بالواجب أو المدين بالنفقة وأن يقوم بما عليه خلال 15 يوما، و يتخد هذا الإعذار شكل استجواب تجريه الشرطة القضائية بطلب من النيابة العامة إلا إذا كان المخل هاربا أو غير متوفر على محل الإقامة، إذ في هذه الحالة يتم الإستغناء عن هذا الإستجواب.
-الإهمال المعنوي: خص المشرع لهذا الإهمال الفصل 482 ق.ج، و هو إهمال خاص بالأطفال. ويتطلب تحقق جريمة الإهمال وفق هذا الشكل حدوث أمرين متلازمين:
    أولهما يكمن في أن يقوم احد الوالدين بأحد التصرفات الواردة في الفصل 482 ق.ج، و هي: سوء المعاملة، إعطاء القدوة السيئة، عدم العناية ثم التقصير في الإشراف الضروري من ناحية الصحة أو الأمن أو الأخلاق.
    وثانيهما يكمن في حصول ضرر معنوي للأبناء أو لأحدهم على الأقل نتيجة هذه التصرفات.
ويطرح نص الفصل 482ق.ج تساؤلات حول مدى حصرية تلك التصرفات الضارة بالأبناء. إلا انه كم سبق الذكر نسجل أن المشرع ربما تعمد استعمال مصطلحات فضفاضة تستوعب مختلف أنواع الأضرار المعنوية التي قد تطال الأبناء بسبب الوالدين و تمس بشرارة جانبهم العاطـفي و النفسي والأخلاقي. و يملك القضاء سلطة تقدير مدى تأثير تصرفات معينة أو مدى تشكيلها لأضرار معنوية على الأبناء حتى تستلزم تطبيق أحكام إهمال الأسرة.
    وقد عاقب المشرع الجنائي هذا الشكل من الإهمال، بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 200 إلى 500درهم، بالإضافة إلى وجوب الجكم على الآثم بسقوط الولاية الشرعية على الأبناء أو أحدهم كتدبير شخصي. و خول ذات الفصل (482ق.ج) إمكانية الحكم على مرتكب هذه الجريمة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق الواردة في الفصل 40ق.ج لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات. 
    وقبل الختام نسجل أنه ليس من الغريب أن نجد أن الإخلال بالإلتزامات و الواجبات الأسرية قد رفعت إلى درجة الجرم، كما ليس من الغريب أن نجد مختلف التشريعات قد تعاملت بحزم مع هذه الظاهرة.
    كما يجب أن نسجل أننا لن ندعي النجاح في التناول المحكم لإشكالية إهمال الأسرة، ذلك أن تناول هذا الموضوع من الزاوية القانونية و الإجتماعية و الأخلاقية أكبر بكثير من أن يشملها موضوع لايتجاوز بضع أسطر. إنما حسبنا فقط تسليط بعض الضوء على هذا الموضوع ~ الإشكال، نظرا لقلة التراكم المعرفي فيه، وكذا محاولة منا لاستجلاء مستجدات مدونة الأسرة مع معطيات جريمة تمس الأسرة وبالتالي المجتمع ألا و هي جريمة " إهمـال الاسـرة ".

ج1-الوسائل البديلة لحل المنازعات

مدى فعالية الوسائل البديلة لحل المنازعات
وعلاقتها بالقضاء
إعداد : أحمد أنوار ناجـي دكتور في الحقوق
مقـدمة :
أصبح اللجوء للوسائل البديلة لحل النزاعات في وقتنا الحالي أمراً ملحـاً، وذلك لتلبية متطلبات الأعمال الحديثة، والتي لم تعد المحاكم قادرة على التصدي لها بشكل منفرد.  فمع التطور المستمر في التجارة والخدمات، وما نتج عن ذلك من تعقيد في المعاملات، وحاجة إلى السرعة والفعالية في بث الخلافات، وتخصصية من قبل من ينظر بهذه الخلافات أو يسهم في حـلها، نشأت الحاجة لوجود آليات قانونية يمكن للأطراف من خلالها حل خلافاتهم بشكل سريع وعادل وفـعّال، مع منحهم مرونة وحرية لا تتوفر عادة في المحاكم.
فلا غرو إذن أن تعرف الوسائل البديلة لحل النزاعات اهتماما متزايدا على صعيد مختلف الأنظمة القانونية و القضائية، وذلك لما توفره هذه الأخيرة من مرونة و سرعة في البت و الحفاظ على السرية وما تضمنه من مشاركة الأطراف في إيجاد الحلول لمنازعاتهم.
ونظرا لما تحتله الوسائل البديلة لحل النزاعات من مكانة بارزة في الفكر القانوني والاقتصادي على المستوى العالمي،وما شهده العالم مند نصف قرن ويزيد من حركة فقهية و تشريعية لتنظيم الوسائل البديلة ، وما تمثله في الحاضر من فعل مؤثر على صعيد التقاضي كان من الطبيعي أن تعمل الدول جاهدة لإيجاد إطار ملائم يضمن لهذه الوسائل تقنينها ثم تطبيقها لتكون بذالك أداة فاعلة لتحقيق وتثبيت العدالة وصيانة الحقوق.
   وانطلاقا من هذا المبدأ وجدت من المناسب وحتى تعم الفائدة ويتخذ هذا البحث صفة الشمولية المطلوبة أن تكون خطة البحت على المنوال التالي :
     أولا : تعريفالوسائل البديلة لحل المنازعات و التطور التاريخي لها
 ثانيا : تحديد مختلف أنواع الوسائل البديلة
 ثالثا : مدى فعالية هذه الوسائل وعلاقتها بالقضاء
   أولا: تعريفالوسائل البديلة لحل المنازعات و التطور التاريخي لها:
 الوسائل البديلـة لفـض المنازعـات (ADR Alternative Dispute Resolution ) ، أو الطرق المناسبة لفض المنازعات كما تسمى في الوقت الحاضر Appropriate Dispute Resolution ، ويعبر عنها أحيانا "فض المنازعات" Dispute Resolution (DR)  ، و هي تلك الآليات التي يلجأ لها الأطراف عوضاً عن القضاء العادي عند نشوء خلاف بينهم، بغية التوصل لحل لذلك الخلاف(1). 
و انطلاقا من هذا المعنى يخرج التقاضي عن إطار هذا التعريف، فهــولا يعد وسيلة بديلة لحل الخلافات بل وسيلة أصيلة،  إذ أن الأصل في الأطراف اللجوء إلى المحاكم ومحاولة حل الخلافات التي بينها عبر التقاضي في حال نشوء خلاف بينها. 
 وعلى الرغم من ذلك، فقد أدى ازدياد لجوء المتنازعين إلى هذه الوسائل في الفترة الأخيرة إلى عدم جواز تسمية تلك الوسائل بـ "البديلة"، ذلك أن كثرة اللجوء إليها أدت إلى تحولها في كثير من الأحيان إلى وسائل أصيلة يلجأ لها الأطراف ابتدءا ، مستفيدين من مزاياها في سرعة حسم النزاع ،والحفاظ على السرية ،وخفض التكاليف في أوضاع كثيرة، إضافة إلى مرونتها من حيث إجراءات حل النزاع والقواعد المطبقة عليه.
 وجدير بالذكر أن الوسائل البديلة لحل المنازعات، قد أصبحت من الوسائل الملائمة للفصل في مجموعة هامة من المنازعات، كما هو الشأن في منازعات التجارة الدولية وحماية المستهلك، والمنازعات الناشئة في بيئة الإنترنت، والتجارة الإلكترونية، والملكية الفكرية في العصر الرقمي وغيرها من المنازعات(2) ، حتى أصبح يطلق على هذه الوسائل بالنظر لطابعها العملي " الطرق المناسبة لفض المنازعات". بل لقد أصبح اللجوء إلى التحكيم مشروطا في غالب الأحيان بضرورة اللجوء مسبقا إلى الوساطة أو التوفيق(3).
التطور التاريخي للوسائل البديلة (4):
 كان القضاء مند القدم ولا يزال الوسيلة الأساسية لحل النزاعات، لكن مع تطور ظروف التجارة والاستثمار الداخلي والدولي أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى لحسم المنازعات ، وبذلك ظهر التحكيم فتطور مع تطور التجارة الدولية والتوظيفات الدولية ، تطور بإجراءات المحاكمة التي اقتربت كثيراً من إجراءات المحاكمات القضائية، ثم بشكلياته التي قربته أكثر من المحاكم القضائية ، ثم جاءت المعاهدات الدولية لتحصنه وتحصن أحكامه ، بحيث لم يعد من المبالغة القول بأن التحكيم لم يعد وسيلة بديلة لحسم المنازعات المدنية والتجارية بل أصبح أو يكاد يصبح الوسيلة الأساسية لحسم منازعات التجارة الدولية.
 وإلى جانب التحكيم ظهرت الوساطة والتوفيق وهذا الشكل من العدالة قديم جدا وهو أقدم من عدالة الدولة، وإذا كانت الوساطة تتم في السابق بشكل بسيط قائم على إصلاح ذات البين ونابعة من العادات والتقاليد السائدة في المجتمع ، فقد كانت مطبقة في العهد القديم في فرنسا بمفهوم المصالحة واستخدمت من جديد بعد الثورة الفرنسية عام 1789 ، وقد ظهرت في الولايات المتحدة خلال الأعوام 1965-1970 ، وأدخلت الوساطة العائلية إلى فرنسا بتأثير من وسطاء مقاطعة الكيبيك في كندا ، وأعد القانون العام أول قانون يتعلق في هذا الموضوع في 3/1/1973 وتبعه قانون 24/12/1976 الذي تم بموجبه تعيين وسيط الجمهورية.
 فقد أخذ التوفيق والوساطة طريقهما ليصبحا أيضاً من الوسائل البديلة لحسم النزاعات، هكذا وضعت اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار مفاوضات الوساطة والتوفيق وسيلة بديلة لحسم النزاع يرجع إليها لحسم النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم.
وكذلك فعلت اتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى ففتحت باب التوفيق قبل التحكيم ونصت على إجراءات لذلك باعتباره وسيلة أخرى من وسائل حسم المنازعات بطريقة ودية.
وكذلك نص نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية على نظام المصالحة الاختيارية ووضع له إجراءات.
وكذلك وضعت اليونسترال (لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية) قواعد للتوفيق كان لها وقع في المنازعات الدولية وكان لها أثر في نشر التوفيق كوسيلة لحسم المنازعات وديا ، ولكن التوفيق والوساطة بقيا وسيلتين بديلتين لحسم المنازعات ، بديلتين عن القضاء وعن التحكيم إلا أنهما بقيتا وسيلتين نظريتين غير عمليتين وبقى القضاء هو الوسيلة الأساسية ، والتحكيم هو الوسيلة البديلة لحسم المنازعات إلى أن كان عام 1977 في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت هناك دعوى عالقة أمام القضاء منذ ثلاث سنوات، وكان هناك محامون ومرافعات وخبراء وجلسات ومستندات ونفقات خبرة ونفقات قضائية وأتعاب محامين، وأرهقت الدعوى الطرفين بالوقت والمصاريف، ثم طرحت فكرة وسيلة بديلة لحسم هذا النزاع لماذا لا تؤلف محكمة مصغرة من كل طرف يختار أحد كبار موظفيه ممن له دراية ومعرفة بتفاصيل النزاع ثم يختار الموظفان رئيساً محايداً.
وراقت الفكرة للطرفين وأوقفت إجراءات المحاكمة القضائية وعقدت المحكمة المصغرة جلسة ليست إلزامية في شيء ، واستمرت الجلسة نصف ساعة أدلى بعدها رئيس المحكمة المحايد برأي شفهي لعضوي المحكمة ثم دخل موظفا الطرفين أي عضوي المحكمة إلى غرفة جانبية فدخلا في مفاوضة استمرت نصف ساعة وخرجا ليعلنا اتفاقهما وانتهت الدعوى على خير وسلام ووقف نزيف الوقت والنفقات والرسوم والأتعاب.    وكانت ولادة ما سمي في الولايات المتحدة بـ Alternative Disputes Resolution واختصرت وعرفت بالـ A.D.R أي الوسيلة البديلة لحسم النزاع.
وتطورت هذه الوسيلة وتركزت وأخذت عدة أشكال وانتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية انتشارا كبيراً ، لاسيما وأن التحكيم في الولايات المتحدة لم يعرف التقدم الذي وصل إليه في أوروبا ، لأن الأميركيين ما زالوا يجلون المؤسسة القضائية ولم يسلموا بسهولة بعد بالتحكيم كوسيلة بديلة لحسم المنازعات كما فعلت أوروبا التي بقى إجلالها للقضاء على حاله، بل تطوع القضاء للأخذ بيد التحكيم للنهوض وليلعب دوره كوسيلة بديلة لحسم المنازعات تخفف عن القضاء كثيراً من الأعباء وتبقي في كل حال تحت رقابته بعد صدور الحكم.
 والوساطة كوسيلة لحل المنازعات في الولايات المتحدة تأتي بميزتين: أولا: اختصار الوقت فأطول وساطة تستمر من شهر إلى ستة أشهر ، بينما الدعوى أمام القضاء تبقى سنوات طويلة ، وثانياً: فإذا كانت الدعوى مرهقة وثقيلة في النفقات والمصاريف فإن الوساطة كوسيلة بديلة لحسم المنازعات تبدو خفيفة الظل.
 وشهدت الوساطة ازدهارا لم يكن منتظراً ولا متوقعاً وتقبلتها أوساط النزاعات القضائية الأمريكية وأقبلت عليها بجدية واهتمام ، حتى قدرت نسبة الحالات التي أسفرت عن مصالحة بفضل الوساطة كوسيلة بديلة لحسم المنازعات بطريقة ودية بـ 8.% في الولايات المتحدة و 37% في بلدان الشرق الأقصى وتقدمت في الصين وكندا وأستراليا ، ولكن دول القوانين المدنية الأوروبية بقيت حذرة ولم تقبل على هذه الوسيلة البديلة لحسم المنازعات بطريقة الوساطة ، فمحكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية في باريس تلقت سنة 1990 ثماني طلبات لحل النزاع بالصلح في حين تلقت 365 طلب تحكيم(5).
وقد أخذت هذه الوسيلة ADR في الولايات المتحدة الأمريكية عدة أشكال نعرضها فيما يلي: